ازمة العلم بين المعالجة الواقعية والحنين الى الماضي

 
 

نخدمكم لاتقبلون، نبيّنها لكم تتجاهلون ، نوضحها كلمة بكلمة تتثاقلون نضعها مسؤولية على عاتقكم تتنصلون، ، نكررها الف مرة ومرة لا تستفيدون.. ماذا انتم،آذان صماء منذ الازل ،أم غضب امطرته السماء على رقعة لم ترى النور على مدى اكثر من خمسة وثلاثين عاماً؟!

علم جُنّد تحت ظله كرهاً جيش مليوني ليهاجم دول الجوار ويجلب الدمار لشعوبها..

علم هُدّر تحت ظله جُلّ اموال العراق للتصنيع العسكري..

علم أُعدِمت الحريات ودهست الحقوق تحت ظله..

علم أباح غير المستباح من كرامة الانسان العراقي..

علم أُمطر الخوف والترهيب تحت ظله طوال اكثر من خمسة وثلاثين عاماً..

علم جعل الاب يسلم ابنه الهارب من جحيم الحروب للسلطة لينال مكافئة مالية ويقي بقية افراد اسرته من بطش وارهاب ازلام النظام..

علم هُتكت اعراض العراقيين تحت ظله..

علم صفى الدكتاتور تحت ظله حتى افراد عائلته..

علم جعل المثقفين كتاباً وفنانين واكاديمين وشعراء وادباء ينظمون كرهاً لجوقة التطبيل والتزمير والتمجيد لدكتاتور العراق..

علم قاد العراق والعراقيين على وجه المساواة الى الجحيم الذي يعيشونه الآن..

علم أُنفلت تحت ظله 182000 مواطن كوردي لمجرد كونهم اكراداً..

علم استباح قتل اكثر من 5000 كوردي في حلبجة بالاسلحة الكيمياوية المحظورة دولياً..

علم هُدمت تحت ظله اكثر 4500 قرية كوردية..

علم جُففت الاهوار في الجنوب تحت ظله..

علم انتزع الامومة من الام و الابوة من الاب..

علم جعل افراد الاسرة الواحدة جواسيس على بعضهم البعض..

علم اشترط حتى على الفراش ان يكون بعثياً ليحصل على قوته اليومي..

علم أَفسد القيم والاخلاق داخل المجتمع العراقي..

علم حُرم الاطفال من اللهو واللعب تحت ظله ..

علم أشبعنا اضطهاداً و قمعاً و حرماناً و دماراً  و ويلات...

علم وعلم وعلمُ،ماذا بقي لم يفعلوه تحت ظل هذا العلم؟! أ هذا هو علمكم يا سيد(ماجد الساري)،كونك مستشاراً لوزير الدفاع العراقي حالياً؟!

انك تعطيني حقوقي المشروعة بيد بقولك" من حقها (الامة الكوردية)،في استفتاء صوتوا 95%  لصالح الاستقلال لماذا لايكون لهم هذا الحق" ولكنك تسلبها أو تحاول جاهداً قدر المستطاع سلبها بالاخرى عندما تؤكد بأن هناك " مؤامرة تقسيم" أي مؤامرة تتكلم عنها ، أهي مؤامرة القيادات الكوردية التي اكدت وفي اكثر من مناسبة انها ترجح البقاء داخل اطار عراق فيدرالي موحد – رغم مخالفتها في ذلك ارادة الشارع الكوردي الذي صوت باغلبية ساحقة للاستقلال – أم مؤامرة خلط الاوراق بدافع الابقاء على ما كان قائماً قبل سقوط النظام؟؟

من جعلك مستشاراً لمثل هذه الوزارة الحساسة ؟!أ هو نظام المحاصصات..لا أعلم ، ولكنني على يقين، وفي ضوء كلامك، من انك لم تعاني يوماً ما مثلما عانى اغلبية العراقيين في ظل هذا العلم، و إلا لما جعلت من هذا العلم "رمزاً لعروبة العراق"،متمسكاً بنفس القوانة القديمة ناسياً أو متجاهلاً ان العراق الجديد بحاجة الى تفكير جديد لامكان لتراث البعث فيه و لا حيز فيه لنموذج حزب البعث،بئس ما اخترت ان كان هذا العلم رمزاً لها،ويا لقصر نظرك الذي جعلك تنسى مآسي العراقيين وتعمى عن رؤية الحقائق.. هل ان مركزك الذي لست جديراً به جعلك تتماطل مع افراد بني جلدتك؟! حرتُ امام اجاباتك الهزيلة في برنامج ( الحوار العراقي) بفضائية فيحاء.. ماذا اقول لك، لاادري ، سوى انك  ورغم سقوط الدكتاتور ما زلت متمسكاً بنفس المنهجية الصدامية في التفكير مع فارق ليس ببسيط وهو ان ايام البعث قد ولت دون رجعة ولكنك كميراث فكري مكروه مازلت باقياً تتشدق بنفس المفرادات المستهلكة بحيث لا ترى الامور الا من خلال منظارالثقافة البعثية المغرقة في التعصب بشتى انواعه وبطريقة تفكيرك هذا لست إلا امتداداً فاضحاً لها ولا يمكن للعراق الجديد رغم كل المعانات التي يمر بها ورغم كل التحديات التي يواجهها القبول بها.

امّا انت يا سيد (عايد المانع)من الكويت اقولها لك صراحة ،كان من الاجدر بك، ككاتب واعلامي ، ان تفكر الف مرة كي لاتنزلق الى نفس الهاوية  .. هل نسيت غزو العراق للكويت تحت ظل هذا العلم؟! أم انك ايضاً اودعت مهاترات الدكتاتور في ذاكرة النسيان و لا تريد الاستفادة من دروس الماضي و لايهمك ما اصاب اهل الكويت حين عاث جيشه المحتل فساداً ودماراً ونهباً في ارض بلدك وظل متمسكاً به كمحافظة تاسعة عشرة رغم كل النداءات التي وجهت اليه عربياً و عالمياً ليخرج منه إلا ان واحدة منها لم تنفع مع عقلية الدكتاتور المتشبعة بالعنجهية و العجرفة الى ان تم طرد جيشه الغازي بقوة وعلى يد قوى متحالفة ضمت اربعين دولة .ما كنت قط ملزماً بتأيد موقف (الساري) فيما يتعلق بعلم كان على العراقيين والكويتيين قبل غيرهما رفضه جملة و تفصيلاً بحكم المأساة المريرة التي عانيناها في ظل هذا العلم لولا انتمائك لنفس المنهجية الضيقة في التفكير والذي دفعك تلقائياً  ودون تفكير الى الدفاع عن رمز من رموز النظام الدكتاتوري المقبور لكي  تجعله ايضاً رمزاً لعروبة العراق. لا احد يعترض على كونك عربياً وهذا من حقوقك الطبيعية ولك كامل التمتع بها ولكن دع عروبة العراق من دونها للعراقيين عرباً و كرداً وقوميات أخرى فأهل البيت ادرى بشعابها. كان من المفروض ان تكون اكثر موضوعية عند تعاملك مع قضية حساسة كهذه ،لا يعرف مدى حساسيتها إلا العراقيين انفسهم ولاسباب قد تجهلها انت وغيرك من الاخوة العرب،وفاقد الشيء لايعطيه !!

ان محاولتك التمسك بايجاد هوة بين رئيس اقليم كوردستان و رئيس الجمهورية العراقية لكونهما كورديان عراقيان بقولك من باب التعجب "هذا العلم الذي يقف له رئيس الجمهورية يتبرأ منه رئيس الاقليم " ، ليست إلا محاولة بائسة تعزف على اوتار التفرقة السياسية والتطرف القومي  لأن العراقيين بجميع تياراتهم السياسية وتكويناتهم القومية و الاجتماعية والمذهبية صوتوا بالاجماع في دستورهم الدائم بالموافقة على تغير العلم (المادة 12 ) لكونه لايمثل إلا شريحة معينة من البعثيين و ازلام النظام السابق والجماعات الشوفينية التي تحاول باستمرار العودة الى الماضي الاسود.

ان محاولة رئيس اقليم كوردستان الفيدرالي ،يا سيد عايد المانع ،بانزال العلم البعثي وعدم القبول به لا يحتاج منك الى" استغراب" وهي "ليست تضخيم للامور" كما تدعي بل هي محاولة سليمة تستند الى اسس دستورية كان الاولى بحكومة المركز  معالجتها قبل هذه المدة بكثير، وكما اكد السيد (صادق الموسوي، رئيس مؤسسة العراق للاعلام و العلاقات الدولية) بقوله " انا ادري بأن موقف السيد مسعود البارزاني فيه فرحة بقلب نوري المالكي لكنه لايستطيع ان يترجم هذه الفرحة بحكم موقعه الجغرافي"...اجل يا سيد مانع كان من الاجدر بك ان تمانع نفسك من الانزلاق الى مثل هذه المواقف المتشنجة التي لا تزيد الطين إلا بلة في عراق ينزف يومياً دماً لكونه يرفض هذا العلم والعقلية التي تكمن وراءه ، وكما بينه لكم السيد الموسوي بعقله المنفتح وتفكيره السليم بكل وضوح، بقوله " تحت هذا العلم اكو ناس يقتلون الاطفال الابرياء ...." وان " الاكراد هم صمام الامان امام التيار السني المتطرف..وجودهم صمام الامان ضد الطغيان السني المتطرف"...

 نعم يا سادة .. لم تعطوا انفسكم فرصة ولو لمرة واحدة طوال تعاملكم التاريخي مع الكرد بأن تستمعوا بشيء من الموضوعية والانفتاح الى ما يطرحونه،بل حاولتم دوماً،وفي اغلب الحالات، اتهامهم بالانفصالية(هذه التهمة الجاهزة دوماً في ذهنيتكم) أو ما شابه ذلك من افكار تغذون بها فقط الافكار القومية المتطرفة .

نعم يا سادة.. تحت هذا العلم هناك  أناس يقومون بعمليات التفجير الارهابية وهناك  أناس و أناس يريدون ارجاعنا الى الماضي الدكتاتوري .. و ثمة أناس يريدوننا ان نتعامل مع الحاضر من منظور الماضي، واخيراً هناك أناس يحاولون باستمرار التثبيط من عزم وهمم العراقيين الشرفاء المتطلعين نحو بناء عراق ديموقراطي فيدرالي اختياري متمدن مبني على ترسيخ اسس العدالة الاجتماعية و توفير الحريات وضمان الحقوق على قدر المساواة لجميع مكونات المجتمع العراقي.. فحذاري من هكذا ناس سواء كانوا من الداخل أو قريبين في الجوار!!!

 

                                                                         التوقيع

                                                                       محمد مشير

                                                         صحفي من اقليم كوردستان الفيدرالي

Muhammad_mushir@yahoo.com

                                                                          22/9/2006

السادة الذين وردت اسمائهم في مقالي هذا كانوا ضيوفاً في احدى حلقات برنامج (الحوار العراقي) على قناة فضائية الفيحاء ، مساء يوم 21/9/2006 .

 
           

 

02/09/2015

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca