لنتحّدث بصراحة عن التحشدات العسكرية للطغمة الفاسدة في تركيا الكمالية

 

                                                                                أحمد رجب

 

دأبت حكومة تركيا الفاشية منذ أن سمحت لها السلطة الدموية لنظام صدام حسين العروبي الشوفيني في الثمانينات التدخل في أرض كوردستان بعمق عشرين كيلومتراً تحت ذريعة " تعقب المسلحين الكورد"، وليس من العجب أن تدفع القوات التركية القمعية أزلامها من الدمى الأتاتوركية للقيام بتحركات عسكرية مكثفة على حدود كوردستان في المثلث الجغرافي مع حكومة الملالي وأهل العمائم في إيران، إذ شوهدت العديد من الدبابات المحملة على شاحنات طويلة تتجه إلى مناطق في محافظة هكاري في شمال كوردستان، ومن المقرر إرسال مائتين وخمسين ألف جندي من الجندرمة التركية إلى الحدود بأمرة وإشراف الجنرالات المجرمة يشار بيوك آنت قائد القوات البرية و آرجين سايجون رئيس أركان القوات البرية، وفي هذا الوقت بالذات يصرح السفّاح حلمي أوزكوك رئيس أركان الجيش التركي ويؤكد حق تركيا وفق القانون الدولي تنفيذ عمليات عبر الحدود.

ولكن الجديد في الأمر أن تدفع " جمهورية إيران الإسلامية " بيادقها إلى حدود كوردستان، ومع وصولها، باشرت على الفور بقصف مواقع وهمية متعددة، وتتبّجح هي الأخرى بأنّ لها الحق ضرب الأهداف في كوردستان.

لقد إندفعت في الماضي القريب الأنظمة الإستبدادية والدكتاتورية والرجعية الأشّد تماثلاً إلى التحالف والتقارب في إطار كتل إقليمية، أو عقد محاور للإلتفاف على حقوق الكورد، وتجلّى ذلك في إجتماعات وزراء خارجية الدول المعادية للكورد في إيران وتركيا وسوريا.

انّ تعاظم المخاطر الناشئة عن الدور الذي تلعبه الأنظمة الرجعية والإستبدادية وأشكال الهيمنة المشتدة التي تحّقق بالتعاون معها على الأصعدة العسكرية والسياسية والإقتصادية، تضع قوى الشعب الكوردي من أحزاب ومنظمات جماهيرية أمام مهمات صعبة، ممّا يستوجب من الجميع ترك مشاكلهم وأمورهم الخاصة والتوجه لدراسة الوضع وتقوية جاهزية الشعب للمواجهة مع من يريدون المساس بأرض كوردستان.

لم تعترف الحكومات الدكتاتورية والفاشية التي تعاقبت على الحكم في تركيا بكلمة ( كورد ) منذ أن ورث كمال أتاتورك حكم آل عثمان، حيث بنى تركيا " الحديثة " على حساب الوجود القومي للشعب الكوردي، بعد أن نقض أتاتورك تعهداته في إتفاقية سيفر التي أبرمت بين دول الحلفاء الإستعمارية في 12 آب عام 1920 إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وبنودها المتعلقة بحقوق الشعب الكوردي القومية.

وليعلم، من لا يعلم بأنّ لحركة التحرر الكوردية في شمال كوردستان حضور دائم، وتنادي غالبية أحزابها وتنظيماتها بحق تقرير المصير والإنفصال من تركيا، وتتعّرض هذه الحركة إلى القمع المنقطع النظير الذي تشّنه الطغمة العسكرية ضد الشعب الكوردي بغية ثنيه عن الإستمرار في النضال من أجل حقوقه العادلة والمشروعة.

أنّ نضال الشعب الكوردي في جميع أجزاء كوردستان ضد الإضطهاد القومي، وفي سبيل تقرير المصير والوحدة القومية، هو نضال يحظى بدعم كامل من قبل الأحزاب والقوى اليسارية ومنظمات المجتمع المدني، وأنّ نجاح النضال التحرري للشعب الكوردي مرهون بوحدة القوى الديموقراطية والتقدمية الكوردية، وبتحالفها المتين مع الحركة الديموقراطية واليسارية في البلدان التي تعمل فيها القوى القومية التحررية الكوردية.

انّ النضال التحرري الكوردي يحظى اليوم بأهمية أكبر ممّا مضى، ويحاول الأعداء ويتامى الأنظمة الدكتاتورية والرجعية التأثير على هذه الحركة بهدف حرفها عن مسارها الصحيح وإستثمارها لمصالح معينة لا تلتقي فعلياً، لا مع مصالح الشعب الكوردي، ولا مع مصالح كادحيه.

انّ تركيا بلد يتعّرض فيه الناس المدافعون عن المثل المعادية لحربها القذرة مع الشعوب غير التركية إلى إضطهاد شرس بصورة خاصة، وتجري محاكمة أعضاء القوى اليسارية والديموقراطية وأنصار السلام بالسجن لفترات طويلة، والبرلمانية الكوردية المناضلة ليلى زانا دليل صارخ على ذلك، فنظام الحكم يعتبر الدفاع عن الحقوق العادلة للشعوب، والدعوة إلى الصداقة معها جريمة، وبالعكس من هذا يسمح النظام الدكتاتوري الجائر في تركيا بالدعاية للآراء الشوفينية والعنصرية والنزعة العسكرية العدوانية على كافة الأصعدة. ولكن مهما بلغ الإرهاب والقمع، فإنهما لا يستطيعان تحطيم إرادة الوطنيين الحقيقيين، أو إرغامهم على التراجع عن آرائهم ومعتقداتهم.

يحاول اعداء الكورد التدخل في شؤون كوردستان تحت ذرائع ويافطات مدروسة جرى الإتفاق عليها مسبقاً, ولكل عدو أجندته الخاصة، ولكن مصالحهم ونقاطهم المشتركة تلتقي في تشديد الخناق على كل ما هو كوردي، فالنظام الإيراني يشتاق إلى تخصيب اليورانيوم ويحاول إظهار قوته من خلال هذا التدخل السافر في كوردستان وتصعيد الموقف بينه وبين أمريكا وأوروبا، وأما النظام السوري يقوم في كل يوم بتشديد محاصرة المدن والقرى الكوردية وإعتقال شباب الكورد وحتى الأطفال، وقتل آخرين في وضح النهار، وإطلاق العنان لأجهزة القمع والإرهاب القيام بفعاليات ونشاطات لتجميل الوجه القبيح لزمرة الحكم الشوفينية العنصرية، وفي تركيا يلجأ النظام إلى أستخدام كل الأسلحة للوقوف بوجه تطلعات الشعب الكوردي، وقيل بأنه لجأ إلى إستخدام السلاح الكيمياوي أو الدعاية له لترهيب الكورد، هذا من جانب، وفي الجانب الآخر ينبغي التأكيد بأنّ أمريكا التي نجحت بمساعدة من قبل أعداء العراق في تعميق الحالة الطائفية بين السنة والشيعة، تقف في وجه الطموحات الكوردية التاريخية وهي تحاول الإلتفاف على حقوق شعبنا الكوردي بشتى الوسائل خدمةً للآخرين، ففي الداخل تحاول طمأنة مكونات الشعب العراقي المختلفة، ومنها بقايا البعث الساقط، وفي الخارج طمأنة تركيا الكمالية وإيران التي تناصبها العداء والسعودية ودول الخليج.

أنّ شعبنا الكوردي وأصدقاءه يستطيعون لجم القوى الشريرة من خلال مهمة تنسيق وتوحيد الطاقات والجهود في معارك المواجهة مع الأعداء ونشاطاتهم المحمومة، وفي هذا الإطار تقع على عاتق المثقفين الكورد وأبناء الجالية الكوردستانية في أوروبا والبلدان الأخرى مهمة الدفاع عن المصالح القومية للشعب الكوردي ضد الإضطهاد القومي، ومهمة التعريف بقضية الشعب الكوردي العادلة والمشروعة وتراثه ونضاله، مهمة فضح وتعرية الإرهاب الذي يتعرّض له الشعب الكوردي على يد الأنظمة الدكتاتورية والإستبدادية في المنطقة، مهمة تعرية التآمر المتعدد الجوانب من قبل هذه الأنظمة القمعية الفاسدة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بإقتراب جميع أبناء الشعب الكوردي، مهما إختلفت أفكارهم وأيديولوجياتهم السياسية حول النقاط المشتركة التي تخدم القضية العادلة للشعب الكوردي، ونبذ كل ما يبدد الطاقات أو يستثير المعارك الجانبية، وهذا يحتاج إلى الحذر واليقظة والشعور بالمسؤولية والحكمة والنظرة الرحبة إزاء التعقيدات التي تواجه قضية الشعب الكوردي.

ان الدول التي تحتل كوردستان، هي دول ذات أنظمة دكتاتورية تحاول بكل الطرق من تشديد قبضتها على زمام الحكم، وسحق الحقوق لشعبنا الكوردي وعدم الإذعان لسماع صوته، أو الإنصياع للقرارات والمواثيق الدولية ومن أبرزها قوانين حقوق الإنسان، وتعيش هذه الدول وسط دوّامة من الأزمات السياسية والعسكرية والإقتصادية، وكلما تعمقت هذه الأزمات، فإنّ الأعداء لا يتوانون عن مواصلة إرتكاب المزيد من الجرائم البشعة ضد أبناء الشعب الكوردي، بهدف كسر مقاومة هذا الشعب المناضل.

انّ قضية الشعب الكوردي تعود من جديد إلى واجهة الأحداث بفعل الإنتفاضة الجماهيرية التي عمّت غرب كوردستان قبل عامين، وإستمرار شرارتها ليومنا هذا، وهي تحرق الأعداء الذين يريدون إخماد شرارة الإنتفاضة، ويعملون على إجهاضها، والتقليل من شأنها، وبفعل الأحداث الساخنة التي مرّ بها شعبناالكوردي في شرق كوردستان، الأمر الذي دفع السلطات الدموية لإقتراف جرائم بقتل المواطنين الكورد العزل في مدنهم وأرض أجدادهم، وإراقة الدماء الزكية في مدن مهاباد وماكو وغيرها، وبفعل المقاومة الباسلة والهبة الجماهيرية التي ستبقى في ذاكرة الأجيال يوم إنتفضت مدن شمال كوردستان ضد العدو وأيتام أتاتورك وفي مقدمتها مدينة ئامد ( دياربكر ) المناضلة.

ان العالم وكل الناس الشرفاء وسائر المناضلين ينظرون بتقدير عال وإعجاب كبير إلى النضال البطولي الذي بلغه كفاح الشعب الكوردي، وهم واثقون تماماً بأنّه ما من قوة على الأرض، مهما بلغت من الجبروت، تستطيع أن تحول دون هذا الشعب وحقوقه التي تقر بشرعيتها وعدالتها كل شعوب الأرض، وتلقى المساندة الفعّالة والدعم من جانب كل قوى التقدم والسلام.

1/5/2006

 

 

 

           

 

02/09/2015