القومية الثالثة في ولاية الموصل
فهمي كاكه يي

   

تعودنا أن نقرأ في مقالات العديد من الكتاب و نسمع في تصريحات الكثيرين من السياسيين عن أرقام و إحصائيات لا تمت إلى الواقع بصلة، و إذا جمعنا النسب التي تدعيه كل قومية في العراق لوجدنا بأن مجموع هذه النسب تتجاوز الـ (150%) من نسبة الشعب العراقي. فمثلا لو أخذنا إدعاء العرب الشيعة من أنهم يمثلون (60%) من شعب العراق و إدعاء الکورد بنسبة (25%) و التركمان بنسبة (15%) نرى بأن نسبة الـ (100%) قد إكتملت دون أن نحتاج إلى العرب السنة و الكلدان و الاشوريين و الأرمن. (اليزيدييون محسوبون على الکورد). إذن يجب أن يكون هناك خلل في مكان ما، فإما أن طرفا أو أطرافا عدة لا تقول الحقيقة أو أن داء الإفتقار الى المصداقية قد أصابالجميع.



هل لنا أن نخطط للعيش في عراق يكون فيه المواطن المنتمي إلى القومية الاولى مواطن درجة أولى، و الذي ينتمي إلى القومية الخامسة مواطن درجة خامسة و هكذا تقسّم الحقوق و الواجبات؟ أما حان الوقت إلى إلغاء مفهوم الأقلية و الأكثرية؟ أما حان الوقت لكي يعيش الإنسان العراقي سوية و دون تمييز بغض النظر عن إنتمائه القومي و الديني و المذهبي؟ فإذا كان الکورد و حسب قول الرئيس مسعود البارزاني لا يقبلون أن يعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية (و هذا من حقهم) أفلا يعطي هذا الكلام نفس الحق للمواطنين من القوميات الاخرى؟ إذن لماذا يلهث البعض إلى إشغال مرتبة القومية الثالثة؟ و من أين يأتينا البعض بالأرقام و النسب الخيالية و التي هي بعيدة عن الواقع؟ فمثلا يدعي بعض الكتاب و الساسة التركمان بأن عدد نفوس التركمان في العراق هو ثلاثة ملايين نسمة، و هناك من يدعي بأن نسبة التركمان في أربيل هي (60%) فكيف يكون الحال في كركوك إذن؟

ألكل يعرف بأن صراع النسب تخص العراق عموما و إقليم كوردستان خصوصا، و بالأخص مدينة كركوك النفطية و الواقعة في هذا الإقليم تاريخيا و جغرافيا، و للبت في موضوع إقليم كوردستان لا بد من الرجوع إلى التاريخ و الجغرافيا. إن خير تاريخ نرجع إليه في هذا المجال هو بداية تأسيس الدولة العراقية و خير جغرافية هي جغرافية ولاية الموصل، مع إن هناك بعض المدن و القصبات ذات أغلبية كوردية و تقع خارج هذه الولاية.

طلب مني صديق عزيز و هو مؤرخ يعيش في دولة اوروبية، أن احقق له في أي من الكتابين اللذين كتبهما الدبلوماسي السويدي (أينار وارسين) جاءت الفصول الأربعة المتعلقة بلجنة الموصل (كومسيون الموصل)، و بعد أن إستعرت الكتابين المنشورين باللغة السويدية وجدت بأن الفصول المتعلقة بولاية الموصل منشورة في كتاب ( من البلقان الى برلين) فأخبرته بذلك ثم تصفحت الكتاب فوجدت:

الكاتب (أينار وارسين) كان رئيسا للجنة الموصل و التي تشكلت من قبل عصبة الأمم من أجل تقديم إقتراح لرسم الحدود بين تركيا و العراق و تقرير مصير ولاية الموصل و كان للكاتب دور هام في كتابة التقرير الذي أصبح أساسا لقرار عصبة الأمم في هذه القضية، و كان قد اتخذ قرار تشكيل اللجنة المذكورة من قبل عصبة الأمم في 30 من سبتمبر 1924 حسبما جاء في الصفحة 107 من الكتاب المذكور.


وجدت في الفصل الرابع و هو بعنوان (جنيف) بعض الإحصائيات التي قد تكون مفيدة للذين لا يعلمون بها، اوردها هنا لدحض ما يدعيه بعض الكتاب الذين ما زالوا يعيشون في الوهم.

يقول الكاتب في الصفحة 156 و هو يتحدث عن ولاية الموصل ما يلي:

كنا قد لاحظنا بأن الکورد يشكلون أكثرية السكان، و في الواقع نصف مليون من مجموع (800،000 و بهذا يكون الکورد في بداية العقد الثالث من القرن العشرين قد شكلوا أكثر من 60% من سكان الولاية. ثم يأتي الكاتب بعد ذلك ليقدم إحصائية دقيقة بعدد سكان القوميات المختلفة في كل لواء من الوية ولاية الموصل علی حده، فهو يقول عن لواء السليمانية ما يلي:

اللواء مسكون بصورة تامة تقريبا من قبل الکورد، و في الحقيقة ما يقارب (190،000) نسمة، بينما (75) عربيا و (1،550 ) يهوديا كانوا يعيشون هناك و بهذا فإننا نرى بأن نسبة الکورد في ذلك الوقت كان (99،15%) و اليهود ( 0،80%)

و عن لواء كركوك يقول الكاتب:
كان السكان هنا متعدد الألوان. ما يقارب 37،000 من العرب، أكثر من 47،000 من الکورد، أكثر من 26،000 من الأتراك ـ و هو يقصد التركمان ـ و أخيرا ما يقارب 2،500 من المسيحيين
و بهذا تكون النسب كالاتي:
 41،77%الکورد
 32
،88%العرب
 23
،11%الترکمان
 2
،22 %المسحييون

و عن لواء أربيل يقول:
في لواء أربيل كان الکورد هم الأكثرية الغالبة. تألف السكان من حوالي 12،000 من العرب، أكثر من 170،000 من الكورد، أقل من 3،000 من الترك، حوالي 4،000 مسيحي و أقل من 3،000 يهودي.
نستلخص مما ورد أعلاه هذه النسب:
 88
،54%الکورد
 6
،25 %العرب
 2
،08 %المسيحييون
 1
،56 %الترکمان
 1
،56 %اليهود

و عن لواء الموصل يقول الكاتب:
كان التكوين القومي في لواء الموصل اكثر إختلاطا من بقية الألوية. كانت المنطقة تحتوي على 120،000 من العرب و من هذا العدد ما لا يقل عن 74،000 يعيشون في المدينة، كذلك 80،000 من الکورد، تقريبا 10،000 من الأتراك، 55،000 مسيحي، و من هذا العدد أكثر من 19،000 يعيشون في المدينة، أكثر من 26،000 من عبدة الشيطان (و يقصد الأخوة اليزيديين)، و كذلك ما يقارب 80،000 يهودي يعيشون في المدينة.
و إستنادا إلى ما أعلاه فإننا نحصل على النسب التالية:
 32
،34%العرب
 21
،56%الکورد
 21
،56%اليهود
 14
،82%المسيحييون
 7
،08 %اليزيديون
 2
،69 %الترکمان

المحصلة النهائية حسب الإحصائيات الواردة في الكتاب:
مجموع سكان الولاية 867،125 نسمة، يشكل منهم:
الکورد 513،000 بنسبة 59،16%
العرب 169،075 بنسبة 19،49%
اليهود 84،550 بنسبة 9،75%
المسيحييون 61،500 بنسبة 7،09%
التركمان 39000 بنسبة 4،49%

أما إذا طرحنا اليهود من المعادلة فستكون النسب كالأتي:
الکورد 65،55%
العرب 21،51%
المسيحييون 7،85%
التركمان 4،98%

و حسب هذا التقرير فإن الإخوة المسيحيين کانوا يحتلون آنذاك المرتبة الثالثة في ولاية الموصل حسب الترتيب القومي.

 

ملاحظة: أعيد نشر هذه المقالة لأهميتها، مع تغيير طفيف.

fahmikakaee@yahoo.se


للمزيد من المعلومات راجعوا المصدر:
Från Balkan till Berlin, Einar af Wirsén, 1943 Stockholm, Albert Bonniers Förlag