من يستطيع تعويض شهداء ومتضرري إنقلاب 8 شباط 1963 وردّ الإعتبار لهم ؟

أحمد رجب

   

 

قبل كل شيء لا بدّ من ذكر الحقيقة بأنّ حزب البعث ومنذ استيلائه على السلطة في إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 وإلى يوم إنهياره وسقوطه المخزي في يوم 9 نيسان 2003 قد جرّ الويلات والكوارث العديدة على العراق والعراقيين. وتمثلت طبيعة وممارسات سلطة البعث في العراق من إقامة دكتاتورية بشعة من نمط فاشي شمولي يقف على رأسها المجرم صدام حسين محوراً وأساساً للمحنة العميقة التي عانى منه الشعب الأمرّين، وشكّل عاملاً رئيسياً في جميع الأزمات والكوارث التي تعرّض لها هذا الشعب بجميع قومياته المتآخية وشرائحه الاجتماعية المختلفة  وأحزابه ومنظماته السياسية.

استطاع حزب البعث إغتيال ثورة 14 تموز 1958 وقتل قادتها الوطنيين وفي طليعتهم عبدالكريم قاسم، وأقام في البلاد منذ الساعات الأولى للمؤامرة الدنيئة نظاماً إرهابياً، ووقف بالضد من ارادة الشعب ، فمن جهة بادرت الزمرة الهمجية الى ضرب المكتسبات التي حققتها الثورة ، ومن جهة ثانية أصدرت العديد من البيانات لاعتقال وقتل وابادة خيرة أبناء الشعب العراقي ومن كل الأطياف وفق البيان رقم 13 السيء الصيت.

وواصلت السلطة الدموية هجومها الإرهابي الشرس والمكثف ضد الشيوعيين والوطنيين والقاسميين، وضد القوى الوطنية والكوردستانية في البلاد بمختلف إتجاهاتها التقدمية والديموقراطية والدينية من خلال تنظيمها لعمليلت الملاحقة ومداهمة المساكن وأماكن العمل والدراسة وإعتقال أعداد كبيرة ومتزايدة من الوطنيين والشرفاء من أبناء الشعب عرباً وكورداً ومن القوميات المتآخية الأخرى، حيث خضع جميع المعتقلين لعمليات تعذيب جسدي ونفسي بالغة الشراسة، وقد استشهد من جرّاء تلك الأعمال الوحشية العديد من أبناء الشعب.

ولم يسلم من بطش سلطة البعث المجرمة الشعب الكوردي، ففي الوقت الذي أكدت ثورة 14 تموز في

المادة الثالثة من دستورها المؤقت على أن "العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العرافية ، رأينا قيام الزمرة البعثية المجرمة بمداهمة وتطويق المدن والقرى الكوردستانية  الباسلة في 9 حزيران عام 1963، وقتل الأبرياء وهم أحياء، ودفنهم في مقابر جماعية بواسطة البلدوزرات في السليمانية وقرية سيارة وكويسنجق وأربيل وغيرها، وان الشعب الكوردي لا ينسى أبداً المجرمين صديق مصطفى وسعيد حمو وإبراهيم فيصل الأنصاري وطه الشكرجي وبدرالدين علي وعبدالعزيز العقيلي وشاكر محمود وغيرهم.

واليوم وبعد 42 سنة وبجهود أبناء العراق الأخيار والشرفاء نرى إعلان تأسيس وميلاد هيئة لرد حقوق واعتبار وتعويض شهداء ومتضرري إنقلاب 8 شباط 1963.

جاء في مستهل الإعلان كلمات جميلة ورقيقة لها الوقع الكبير عند الذين يتذكرون ثورة 14 تموز التحررية، ومنجزاتها ومكاسبها العظيمة كإصدار قانون الإصلاح الزراعي، والخروج من حلف بغداد العدواني، ومن الاسترليني وتحرير العملة، وإصدار قوانين تقدمية تضمن حقوق العمال والمرأة وتشكيل النقابات والروابط والإتحادات وغيرها، فالإعلان يذكر لكي لا يدفع الشعب  الثمن مرة اخرى و لنعطي شهدائنا بعض حقوقهم، وذلك برد الإعتبار لهم، وتعويضهم وكل من تضرر من إنقلاب 8 شباط 1963، والعمل على إعادة حقوقهم.

نعم، لقد آن الأوان أن نتذكر شهداء الشعب والوطن عبدالكريم قاسم، فاضل عباس المهداوي، ماجد محمد أمين، وصفي طاهر، جلال الأوقاتي، والسكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي سلام عادل، وقادة الحزب وكوادره الأماجد جورج تلّو، حمزة سلمان، مهدي حميد، جمال الحيدري، أبو سعيد، عطا جميل، وأن نتذكر أبناء الشعب الكوردي الباسل الذين ماتوا شهداءاً وهم أحياء في مجازر البعث في المدن والقرى وفي مقدمتهم ماموستا باقي وياسين ورشيد أحمد وغيرهم.

علينا أن نتذكر شهداء الشعب، وكل من لحقه الأضرار من زمرة البعث وأفراد الحرس " القومي "، علينا أن نتذكر شهداء الأحزاب والقوى الوطنية العراقية والكوردستانية والحركات الدينية، أن نتذكر شهداء العرب والكورد والتركمان، والكلدان، والآشوريين، والسريان، والأرمن، أن نتذكر شهداء الوطن الذين نجو من براثن النظام الدموي وعاشوا خارج العراق مثل هاشم عبدالجبار.

 نعم، ان الشهداء، شهداء العراق تجسيد حي لوحدة العراق بكل مكوناته وأطيافه. ومن حق الشعب العراقي ومثلما جاء في إعلان تأسيس هيئة رد الإعتبار والحقوق أن يستذكر شهداءه، وأن يمجدهم، لكي يصبحوا أوسمة نفخر بها، انّ الهيئه ستقوم بالتالي :

1 ـ المطالبة بالتعويض المادي و المعنوي لمن اعدموا أو غيبوا أو فقدوا منذ 8 شباط 1963.                                  2 ـ سيتم ملاحقة كل من ساهم في هذا الانقلاب و محاسبته قانونياً امام محكمة العدل           الدولية في لاهاي    و مصادرة امواله لتعويض أسر الضحايا و متضرري الانقلاب.

3 ـ الطلب من أسر الشهداء و متضرري انقلاب 8 شباط 1963 تزويد الهيئة باسماء عناصر  الانقلاب الذين  اشرفوا على تعذيب أو اعدام اقاربهم  مع  نُسخ من الوثائق لكي تتمكن الهيئة من رد حقوق اعتبار اهل  المواطنين.                                                                                                            

 

أن الاذى الذي تعرض له اهل العراق منذ 8 شباط 1963 و الذي أحرق الحرث  و اباد النسل و تسبب بل  جلب الاحتلال، يفرض على كل مواطن أن يقوم بواجبه لرفع الحيف و تخفيف ألام الضحايا  و اهلهم، أنه دين و حق في أعناق الجميع.                                                                                              

ألاعزاء اهل الابطال شهداء و متضرري 8 شباط 1963 تعاونكم  هو الذي سيجلب النجاح لكي  يعود العراق وطن لأهل العراق جميعاً، الذي ضحى من اجله شهداءنا.                                                          

 

عن الهيئه                                                                                                               

الدكتور عماد حمدي عبد الجبار النعيمي

 

ان المتتبع لأوضاع العراق يعلم بأنّ هذا الشعب الأبي قد تعرّض إلى أشكال العسف والإضطهاد، وانّ العراقيين عامة والمناضلين خاصةً لم يعرفوا لسنوات طويلة غير الدم والظلام، ولكنهم بنضالهم البطولي استطاعوا أن يرسموا من هذين اللونين قوس قزح وتألق الألوان.

ان البعث عمل وبكل خسة ودناءة على تمزيق الوحدة الوطنية من خلال الإضطهاد الطبقي والقومي والطائفي، كما عمل على مطاردة شعب بأكمله، وتبديد الثروة الوطنية، والإرتباط مع القوى الامبريالية والرجعية العربية بتحالف سياسي غير معلن.

لقد تعرضت العوائل العراقية لمحن قاسية ولشظف العيش من جراء إعتقال أربابها وأولادها وبناتها، وزجهم في المعتقلات الرهيبة في نقرة السلمان، وخلف السدة، والفضيلية، والخضر، وكركوك، والحلة والكوت وغيرها.

ستبقى الذكرى المضيئة لقادة الشعب وأبنائه البواسل إلى الأبد في قلوب الوطنيين والتقدميين والناس الشرفاء، وفي قلوب من تعّز عليه قضية الحرية والديموقراطية والسلم، ومن ذكرى هؤلاء الخالدين ولكي لا تتكرر مآسي الشعب ندعو الجميع إلى اليقظة والحذر إزاء الأعداء من الإرهابيين القتلة وبقايا النظام الهمجي الساقط، ولنعمل جميعاً من أجل بناء عراق ديموقراطي إتحادي، ومن أجل غد مشرق للبشرية جمعاء.

وكلمة أخيرة : متى تقوم الحكومة العراقية برد الإعتبار لشهداء الوطن ؟ وهل بإمكانها أن تعيد حقوق الشهداء والمتضررين من مؤامرة البعث ؟ متى ؟ كيف ؟.

                                                   19/7/2005

من يريد الإتصال يمكن استخدام هذا العنوان :

الدكتور عماد حمدي عبدالجبار النعيمي

ابن أخ كل من : الزعيم عبدالكريم قاسم و العميد هاشم عبدالجبار

العنوان الالكتروني

Hasaka1956@hotmail.co.uk