أزمةجديدةللحركةالقوميةفى كردستان العراق
طه معروف

 

29ايار2005

ازدادت حدةالخلافات بين الحزبين القوميين الكرديين: الاتحاد الوطنى الكردستانى والحزب الديمقراطى الكردستانى بشكل ملحوظ فى الاونة الاخيرة، ادت الى انهيار جميع اللقاءات والاجتماعات التي جرت بينهما، كما كان متوقعا،للوصول الى صيغة نهائية وتعين مسعود البارزاني لتولى رئاسة الادارتين مقابل ترشيح الطالبانى ليمثل "قائمة التحالف الكردستانى" فى بغداد لرئاسة الجمهورية، كانت هذه الاختلافات السبب الرئيسي وراء وصول الطالبانى الاسبوع الماضى الى السليمانة للاجتماع بالبارزانى لكن لم يتم عقد مثل هذا الاجتماع بسبب الخلافات التى ادت ايضا الى تأخر اجتماع ""برلمان كردستان" الذى غاب عن الوجود فى الساحةالسياسية الكردستانية منذ ولادته تقريبا خاصة فى اعقاب المعارك والأشتباكات المسلحةالتى دارت بين الجانبين من 1994_1998. عبر مسعود البارزانى من خلال الرسالة الموجهة للطالبانى، حملها( ئازاد بروارى) من جانب "حدك" يوم الخميس المصادف 26ايار عن فشل هذه  الاجتماعات حيث اعلن عن تراجعه فى الوقت" الحاظر" عن تولي رئاسة اقليم كردستان . لكن ما تاكد في الوقت الراهن وما كان واضحا من قبل هو ان هناك اسبابا اساسية وراء هذه الإختلافات.            

أضافةالى الطبيعة السياسيةالرجعيةوالعشائرية المتخلفة لإحزاب الحركة القومية الكرديةوشرورهم و نزعاتها التسلطية والصراع فيما بينها من اجل الهيمنة على مقدرات الجماهير و سلب ارادتها ، فان ظهور هذه الاختلافات جاءت نتيجة لغياب  ألأفق السياسى الواضح امام الحركة المذكورة فى الوضع السياسى الراهن وضمن المعادلات السياسية العراقية المتمثلة، بفشل قوات الاحتلال الامريكية حتى الان لإيجاد حكومة مركزية قوية قادرة على ضبط الامور السياسيةفى العراق و احتمال خروج هذه القوات وعدم تمكنها البقاء لأمد طويل، وهذا العامل كان بالتأكيد سببا جوهريا وراء انبعاث هذه الخلافات التي ازدادت حدتها بشكل ملحوظ عندما توجه عدد من المسؤولين الامريكيين فى الاونة الاخيرة نحو صلاح الدين وخاصة زيارة وزيرة الخارجية الامريكية "رايس" والتقائها بمسعود البارزانى التى أثارت حفيظة الجانب الاخر" اوك" الذى اعتبر عقد مثل هذه اللقاءات بمثابة رسالةامريكية واضحة لتهميش دورهم السياسى فى اطار" المرجعية القومية الكردية"  التى طالما قاتل الجانبان من اجلها سنوات طويلة و بالضد من ارادة و مصلحة الجماهير فى كردستان. يضاف الى ذلك انه ليس سهلا على" اوك" ان تقبل بالدور القيادى ل" حدك فى اللعبة الامريكية القادمة غير  لمعلنة ) فى كردستان او بعبارة اخرى فإن الاهتمام الامريكى بزعامة بمسعود البارزانى واختياره لاعبا رئيسيا فى اللعبة الامريكية القادمةتشكل مصدر التهديد لهم وباعثا لظهور ازمة حقيقية اخرى بين الطرفين  ومن غير المستبعد ان تطرح هذه الاختلافات احتمالات سيئة بالنسبةلمستقبل العراق بصورة عامة وكردستان بصورة خاصة، وفى ظل هذا الوضع، تبدوالسيناريوهات المحتملةلمسارالامور شديدة التباين فلا يوجد يقين سوى ان كردستان لا تزال تسير فى طريق مجهول حيث لاتوجد علامات محددة تشيرالى خلاص الجماهير فى كردستان العراق من الظلم القومى وان هذه الإختلافات تنذر بحرب جديدة بين الطالبانى والبارزانى و تمهد الطريق الى إثارة  او خلق احتمالات جادة للانزلاق نحو الحرب الاهلية على صعيد العراق، فقد بدأ  كل طرف فى التكشير عن انيابه للطرف الاخر، وان كردستان التي لم تشهد استقرارا حقيقيا فى ظل سلطة الميلشيات المسلحة الكردية طوال 13 عاما، لن تشهده الان، فى ظل واقع لا يقدم مؤشرات ايجابية وانما تأخذ منحى اكثر خطورة بما يخشى معه من تدهور الامور والعودة للأقتتال الرجعى الداخلى.                            

 على صعيد اخر، أصبحت الصورة اكثر وضوحا بالنسبةللتقارب والاهتمام الامريكى بمسعود البارزانى ,الذى لم ينخرط فى السياسة والمشاريع الايرانية مثلما انخرط جلال الطالبانى واقام تحالفات متينة مع حكومةالملالى فى طهران، حتى قبل سقوط بغداد، ولكون الجمهورية الايرانية الاسلاميةطرفا رئيسيا فى الساحةالسياسية العراقية ولها نفوذ واسع على الحركات الاسلامية الشيعية الرجعيةفى العراق  و تشكل بالتالى عقبة اساسية امام تحقيق المشاريع الامريكة، لذا فأن البارزانى وليس الطالبانى له الأولوية ليلعب هذا الدور ضمن المخطط الامريكى الجديد غيرالمعلن لحد الان ومن هذا المنطلق السياسى تم توزيع ادوار السيناريو الامريكيي المرتقب فى كردستان ، وفى ظل هذا الوضع السياسى، القابل للإنفجار, فى اي لحظة والذي يحمل فى طياته مزيدا من الماسى والويلات للجماهير فى كردستان، الناجم بسبب الاحتلال الأمريكى بالتعاون مع قوى السيناريو الاسود من القوميين و الاسلاميين، ليس امام الجماهير سوى التصدى لهذه المشاريع الامريكية الرجعية ومن اجل عدم انسياقها و انجرارها وراء دسائس وألاعيب هذه العصابات القومية التي تتلاعب دوما بمصالح  ومصيرالجماهير خدمتة لمصالحها ومصالح قوى الاحتلال التى تتناقض بصورة جوهرية مع مصالح الجماهيرومع مطلب حريةالاستفتاء،بوصفه مطلبااساسيا لها لتقرير مصيرها السياسى لإقامةحكومةعلمانيةغيرالقوميةوغيرالدينية .