الضريبة .... مصدر اساسي لدخل اقليم كوردستان ......!!!

د – سيروان زنكنه

 

لابد لنا في البداية ان نعرف ماهية الضريبة ! لماذا تؤخذ ؟ انواعها . هل يمكن انشاء نظام ضريبي ناجح و قوي في اقليم كوردستان ، بحيث يشارك بشكل فعال في تنمية اقتصاد الاقليم . كيف ...؟

الضريبة عبارة عن جزء من المال التي تقطع من دخول الافراد والشركات والمؤسسات بنسب متفاوته . ويتم ذلك بموافقة برلمان البلد . ويحدد الادارات المالية الرئيسية الشروط والنسب اللازمة لذلك .

الضريبة عبارة عن المساعدات الاجبارية للنفع العام والتي تدفع عن طريق الدولة لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليم والدفاع والبناء واعادة البناء الطرق والجسور والري وكل مايتعلق بالتنمية وكذلك مساعدة الافراد الغير قادرين على العمل لاسباب مرضية او الاعاقة . وكما قلنا البرلمان هو الذي يقرر ذلك .

فاذن التنازل عن هذا المبلغ هو طوعيا  للدولة ولاجل هدف مشترك هو المنفعة العامة . لواخذنا مثال بسيط اذا اراده الدولة تطبيق الالزامية التعليم وشمول الشباب والشابات البلد بهذا المشروع ، بلاشك تحتاج الدولة الى مبالغ كافية لبناء المدارس و توفيراللوازم الضرورية لذلك منها الرحلات ، السبورة ، اللوزم الاخرى من تهيأة البرامج المدرسية وطبعها كي تكون في متناول الايدي الطلبة الدارسين وكذلك اللوازم الاخري من الدفاتر والادوات  المدرسية اللازمة وكذلك توفيرالكوادر العلمية من المعلمين والادارة وكذلك الخدمات المدرسية . لتنفيذ كل ذلك تحتاج الدولة الى السيولة اللازمة . ويمكن الحصول على تلك السيولة من الضرائب والتي لابد ان تذهب جزء منها لهذا الغرض . لو ارادة مجموعة من الرجال الاعمال القيام بذلك هل يمكنهم انجاز هذا العمل بجانب اعمالهم ومشاغلهم ؟ طبعا لا. لذلك يقومون بالتنازل عن المصاريف التي تدخل في هذه العملية الى الدولة لكي تقوم هي بالنيابة عنهم لاتمام تلك المهمة . كذلك بالنسبة للدفاع و حماية البلد وبناء شبكة المواصلات والوقاية من الامراض وغيرها . لابد القول بان الضريبة تلعب دور بارزا في  تحسين الجوانب الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وغيرها للافراد المجتمع وقد اخذت الضريبة اشكال عديدة منذ بدايتها ولغاية اليوم . في           البداية كانت تؤخذ الضريبة على المحاصيل الزراعية و تطورت بمرورالزمان الى ان شملت مجالات اخرىمثل العقار او البناء ثم تطورت الى ان وصلت الى ضريبة المبيعات وهنالك نوع اخر يسمى بضريبة التسوق والتي تفرض من قبل الدولة وبنسب متفاوتة تؤخذ بنظر الاعتبار اهمية السلعة او الخدمة . و تشمل كل ما يشترى من قبل الناس من السلع والخدمات ويتم دفعها مباشرة ضمن قيمة السلعة او الخدمة المشتراة وتشمل المواد الغذائية والسلع الضرورية الغير الضرورية      وكذلك المواصلات ، الفنادق ، اسعار بطاقات السفر بانواعها المتنوعة ، السينما والمسرح ، الكتب ، الصحف ، المجلات ، النشاطات الرياضية ( ملاحظة / يتم تقديم قوائم الحسابات لهذا النوع من الضريبة للدولة على الاكثر شهريا ) و بعدها شملت كل نواحي الاقتصادية بجميع مجالاتها الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية وكل مجالات العمل بشكل عام  بحيث لاتوجد اليوم مجال لم تدخله الضريبة ولم تفرض عليه نسبة على ايراداته .

لو نظرنا الى البلدان الاوروبية وغيرها من البلدان الموجودة في اسيا ، منها البلدان الشرق الاوسطية وبضمنها الدول العربية الغير نفطية وبلدان جنوب شرق اسيا وكذلك الهند ، باكستان ، تركيا ، مصر ، الاردن....وغيرها والتي تعتمد جانب الاساسي من دخلها السنوي على ايرادات الضرائب . ويجب القول هنا بان ايرادات معظم البلدان الاوروبية فقط من الضرائب يعادل اضعاف ايرادات النفطية لمعظم بلدان الخليج  بالاضافة الى ايراداتها في المجالات الاخرى ، وهذه حقيقة لا يمكن انكارها ابدا .

التنمية الاقتصادية هي الينبع والشريان الرئيسي للضريبة في تلك البلدان . حتىالدول الخليجية اتبعت سياسة التنمية الاقتصادية وتطويرها باتجاه اقتصاد السوق الحر لاجل تنظيم نظام ضريبي فعال لكي تحقق اكبر الايرادات بجانب العائدات النفطية . وذلك عن طريق استغلال جزء غير قليل من ايرادت النفط والاستفادة منها في بناء و خلق اقصاد سوق قوي . و قامت بذلك بالاستفادة من التجارب البلدان الاخري و بالاخص البلدان النمور الاسيوية .

فكلما ازدادت النشاطات الاقتصاية بمجالاتها الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية ، كلما تحسنت ايراداتها و وضعها المالي كلما ادى الى ارتفاع ايرادات الدولة من الضرائب وبدورها يؤدي الى تحسين الوضع المعاشي للناس وازدياد خدمات الدولة في جميع مجالاتها . اذن العلاقة بين التنمية و النشاطات الاقتصادية ...... مع الضريبة علاقة طردية .

 

ماذا عن الاقليم .....؟

 

باعتقادي لم تكن في اقليم كوردستان مجالات واسعة لتحصيل الضرائب منها الا بعد التطور النسبي التي شملت بعض المجالات والتي لم تخطط لها مقدما بشكل علمي . لذلك لانجاح هذا الجانب و تطوير ايرادات الميزانية في الاقليم اليوم لابد العمل على :-

أ - عمل احصائية شاملة لكل الساكنين داخل الاقليم مع الاخذ بنظر الاعتبار العمر ،العمل ، التحصيل العلمي ، الجنس. كذلك معرفة عدد العاملين الساكنين داخل وخارخ الاقليم . قربهم او بعدهم عن مكان عملهم ، كيفية وطرق مواصلاتهم .

ب - احصائية شامله لكل الشركات والمؤسسات و المتاجر التجارية والخدمية بغض النظر عن حجمها لمعرفة ما موجود منها داخل الاقليم . وكذلك النشاطات التجارية التي يقوم بها افراد والذين يعيشون داخل الاقليم ونشطاتهم الاقتصادية خارج اقليم كوردستان .

ت - تجميع و تصنيف تلك المؤسسات والشركات حسب حجم نشاطاتها في مجاميع مختلفة .

ث - معرفة النشاط  المالي والايرادات السنوية لكل مجموعة . ويمكن معرفة ذلك من خلال الدفاتر الحسابية لكل منها وفي حالة عدم توفر تلك الدفاتر يتم تقدير الدخل السنوي من خلال البيانات والمعلومات المتوفرة . ومن هنا لابد من الزام كل شركة ومؤسسة ومتجر صغيرها و كبيرها بضرورة مسك الدفاتر الحسابية و تسجيل كل نشاط مالي تقوم بها يوميا .

ج - معرفة العاملين في المؤسسات الحكومية في الاقليم و كذلك الذين يشتغلون في المؤسسات الحكومية خارج الاقليم . من الموظفين والمستخدمين والعمال . لابد من معرفة دخولهم الشهرية او السنوية .

و - معرفة دخل كل عائله من العوائل الساكنة ضمن حدود الاقليم و مقارنتها بالدخل المخمن في جداول معدة من قبل الوزارة المالية مقدما . ويمكن ملاحظة وجود اكثر من شخص واحد في العائلة له ايراد شهري اما من الوظائف الحكومية او من الاعمال الحرة او قد يكون للعائله معيل واحد اي ايراد شهري واحد فقط . اما وظيفـة حكوميـة اوعمل حر .

ح - لانجاح العملية الضريبية لابد من بناء نظام مصرفي و ذلك بتوسع ازدياد فروع بنك الاقليم لتشمل المدن القريبة البعيدة . ليس فقط ذلك بل افتتاح فروع اضافية داخل المدينة الواحدة . لايمكن الاكتفاء بفرع او فرعين في مدن السليمانية  و اربيل و دهوك . ولابد التأكد على الزام كل تاجر الكبير منها والصغير بفتح حساب خاص لنشاطه الاقتصادي وهذا يسهل من الناحية الضربية في معرفة المعلومات المطلوبة من جانب و من جانب اخر وجود النقد في البنك يساعد على ازدياد نشاطات البنك من ناحية توفيرالسيولة النقدية و كذلك تنظيم دوران النقد في السوق .

خ -  وهذه الخطوة يساعد البنك مستقبلا بفتح حساب لكل شخص يشتغل في احدى ادارات الحكومية والغير الحكوية و هذا يسهل الطريق في تطوير نشاط البنك والعمل بنظام البطاقات الممغنطة في المستقبل .

ذ - وجود مؤسسة للتأمين لها دور فعال في التنمية . قيام الشركات والمؤسسات التجارية / الخدمية / وغيرها بتامين كل ما يخص المؤسسة هي ضمانة لمسقبل تلك الشركات المؤسسات من السرقة ، الحريق ، الفيضانات ، من الافلاس لاسباب مقنعة وكثير منها .

د - بعد الانتهاء من الاحصاء والتصنيف ومعرفة البيانات اللازمة ، عندها يمكن ان تحدد نسبة التي تؤخذ من الضريبة على تلك المؤسسات والشركات التجارية والخدمية  والمتاجر عامة . وكذلك الموظفين والمستخدمين والعمال في القطاع الحكومي او في القطاع الخاص . وقد يكون استقطا ع تلك النسبة شهريا او مرة واحدة في نهاية السنة  وفي هذه الحالة يتم احتساب المبلغ الواجب دفعه اذا كان المبالغ المدفوعة اكثر من المبلغ المستحق عندها يعاد الفرق وبالعكس اذا كان المبلغ المدفوع اقل من المستحق عندها يؤخذ الفرق ولابد هنا ان تؤخذ بنظر الاعتبار تناسب النسبة المفروضة من الضريبة مع الدخل السنوي اي ان لا تفرض نسبة واحدة على ذوي الدخول العالية والمنخفضة . يجب ان تتناسب النسبة المفروضة طرديا مع الدخل السنوي . اي ان تكون ضريبة تصاعدية ..!!!

 ز - كل ذلك يحتاج الى كوادر ضريبية مدربة في هذا المجال و يمكن هنا الاستفادة من الخبرات الموجودة داخل الاقليم و كذلك من الخبرات الاجنبية في تنظيم و تدريب الكوادر اللازمة لذلك . فالموظف الذي يشتغل في مجال الضريبي يحتاج الى الحنكة والدقة والتحمل . لكي يتعرف على الخفايا والحيل والتلاعب التي تحدث في المجال الضريبي ...!!!

وفي الختام لابد القول ان نجاح النظام الضريبي في الاقليم يعتمد على التنمية الاقتصادية وتطويرها هناك و كذلك علي مدى فاعلية السوق واقتصاده من كل النواحي . وكل ما تقدم هي مقترحات لتطوير مصادر الدخل في اقليم كوردستان ولا يمكن ان تتحقق ذلك مالم يتم التعبئة الشاملة من قبل حكومة الاقليم الموحدة في المستقبل لاجل بناء المجتمع الكردستاني المرفه.        

 حزيران 2005