عن الإرهاب وأشياء أخرى

نــــــــــــــــــــــــزار حيدر

   

NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

 

ترى ، ما هي الأسباب التي تدفع ببعض الجماعات (العربية والإسلامية) لممارسة العنف والإرهاب ؟ .

وما هي أهم النتائج التي تتمخض عن ذلك ؟ .

برأيي ، فان هناك عدة أسباب ، تدفع ببعض هذه الجماعات إلى ممارسة العنف والإرهاب ، يجمعها حالة الإحباط الشديد التي أصيب بها العرب والمسلمون منذ أمد ليس بالقصير ، ما يمكن هذه المجموعات ، من تعبئة وتجنيد المغرر بهم من أبناء الأمة .

فعندما يقف المواطن في البلاد العربية والإسلامية ، أمام جدار سميك من اليأس واللاأمل والقنوط ، يفصل بينه وبين المستقبل ، عندها لا يجد أمامه إلا البحث عمن ينتشله من هذا الواقع المزري ، وان كان بطريقة القتل والموت ، وعندما يظل يبحث عن طريق للخلاص ، لا يجده ، وللأسف الشديد ، إلا عند جماعات العنف والإرهاب التي تعده بالجنة ، بدل النار ، إذا ما قتل نفسه بالطريقة التي سيختارونها له ، تحت مسمى الجهاد والمقاومة ، ولو وجد هذا المواطن ، طريق الخلاص من اليأس للانتقال إلى مستقبل أفضل ، في ظل نظام سياسي ديمقراطي يحترم حقوقه ، فلا يصادر حريته أو يسحق كرامته ، لما اختار أساليب مجموعات العنف والإرهاب .

أما الأسباب التي تقف وراء اختيار هذه المجموعات للعنف والإرهاب ، فهي على ما أعتقد ، كما يلي ؛

أولا : التفسير الخاطئ للدين ، ولنصوصه وتاريخه .

إن فقهاء التكفير ، يجتزئون آيات القران الكريم من سياقها القرآني والتاريخي ، ليستنتجوا منها ما يتلاءم ومفهومهم ، للحياة والدين والإنسان والآخر .

إنهم يأولون القران الكريم كما يشتهون ، ويفسرون آياته كما توحي به تقاليدهم وعقائدهم

الموروثة البالية ، وأهواءهم المريضة ، وميولهم الذاتية الأنانية .

فالديمقراطية عندهم ، مثلا ، فكرة واردة من بلاد الكفر ، لا يجوز الأخذ بها في بلاد المسلمين ، والانتخابات مشروع غربي لا يحق للمسلم تبنيه ، والليبرالي كافر مرتد يلزم قتله حتى لا يستشري خطره في الأمة ، وغير المسلم ، مباح ماله ودمه وعرضه ، للمسلمين ، والمرأة عورة كلها ، لا يحق لها أن تمارس أي نشاط اجتماعي ، أو تتدخل في الشأن العام ، والأحزاب ، فكرة غربية يجب قتل من ينتمي إليها ، وهكذا .

إنهم أنصاف فقهاء ، لا يفقهون من الدين شيئا ، والا ، لما اجتزأوا النصوص من سياقاتها ، ولما احتجوا بالقران الكريم فقط ، وهو الذي يقول عنه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ؛ (إن هذا القران حمال ذو وجوه) ، وان مثلهم في ذلك ، مثل الخوارج الذين رفعوا شعار (الحكم لله لا لك ، يا علي) في وجه الإمام المفترض  

الطاعة ، والخليفة الشرعي الذي بايعته الأمة ، وفيها كبار الصحابة والفقهاء والقراء والحفاظ .

لقد ابتلي المسلمون بأنصاف الفقهاء هؤلاء ، الذين راحوا يحللون ويحرمون على هواهم حتى انتهى بهم المطاف إلى أن يفتوا في دماء الناس ، التي حرمها الله تعالى أشد تحريم فراحوا يجيزون قتل هذا وذبح ذاك وإعدام ذلك ، بحجج وبراهين وأدلة (فقهية) ما أنزل

الله تعالى بها من سلطان .

إنهم لا يكتفون بالتنظير الأعمى فقط ، ويا ليتهم فعلوا ذلك ، على طريقة (لكم دينكم ولي دين) ، إنما راحوا يجبرون الآخرين على تبني أفكارهم واجتهادا تهم بطرق تعسفية ومتزمتة ، على أن مصير من يخالفهم في ذلك ، القتل ، وتلك هي المصيبة الكبرى .

ثانيا : كذلك فان هنالك السبب الطائفي الأعمى والبغيض الذي يدفع بالبعض إلى ممارسة الإرهاب ، ضد شرائح مذهبية معينة ، بعد أن أخرجوهم أولا ، وبفتوى منهم ، من الدين ومن ملة المسلمين ، ليبيحوا دمهم على الهوية والانتماء المذهبي .

ويعود تاريخ هذا النوع من التفكير الطائفي الإرهابي ، إلى عهد الدولة الأموية التي تجرأت على قتل سبط رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الإمام الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله (ص) ، عندما فسروا للإمام سبب إقدامهم على قتله ، بقولهم (بغضا لأبيك) ، فالقتل هنا لم يكن لخلاف في الرأي أو الدين أو لجريمة اقترفها الإمام ، أبدا ، وإنما بسبب حالة البغض والحقد التي كان قد تشبع بها القوم على الإمام (أخو رسول الله ) .

لقد امتلأت كتبهم وصحائفهم بالفتاوى التكفيرية الطائفية الحاقدة ، ضد شيعة رسول الله وأهل بيته الغر المحجلين ، والتي لا تزال تغذي موجات العنف والإرهاب التي يمارسها الجهلة والناعقين ، ضد الموالين لمدرسة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ، جيلا بعد جيل.

ثالثا : كما أن فكرة القومية (العربية هنا) التي تميز الناس على أساس خلق الله سبحانه وتعالى ، لها الأثر السلبي السيئ في تغذية العنف والإرهاب .

إن كل فكرة تقوم على مبدأ التفاضل بين الناس على أساس الخلق ، لهي فكرة شوفينية ، لأن الناس غير مخيرين في اختيار الخليقة ونوع الاثنية ، التي اختص بها رب العزة والجلال فقط ، دون العباد .

فعندما يمتلئ الإنسان شعورا بالفخر ، فقط بسبب انتمائه القومي ، وانه متميز عن الآخرين بسبب هذا الانتماء ، والذي لم يكن للبشر دخل في اختياره أو حتى رأي فيه ، إنما هي خلقة الله تعالى اختارها لكل واحد من بني البشر ، يحتقن غضبا على الآخرين إذا ما رآهم قد تفوقوا عليه في أي مجال من مجالات الحياة ، وتاليا ، يبدأ بممارسة العنف والإرهاب ضدهم ، ليحول دون تقدمهم عليه ، بعد أن يعدم الوسائل الإنسانية والحضارية الأخرى .

شخصيا ، أعتقد أن القومية فكرة شوفينية ، حالها حال أية فكرة أخرى تتخذ من الخلقة ، مقياسا للتمايز والتفاضل بين بني الإنسان ، كاللون والجنس والنوع البشري (كالنازية التي ترى في جنس معين ، فضلا على الآخرين) ، وما إلى ذلك .

طبعا ، هناك فارق بين فكرتين بصدد القومية ، الأولى التي يعتز بها المرء كتراث وانتماء وثقافة وعادات وتقاليد وحقوق ، وهذا أمر مستحسن لا إشكال فيه ، أقره الإسلام ولم ينه عنه ، أما الثانية فهي التي تختارها كمقياس للتفاضل مع الآخرين ، وتلك هي الفكرة الشوفينية ، التي نهر عنها الإسلام ، بقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (( ليس منا من دعا إلى عصبية )) ، والعصبية هنا تعني ، تبني الشعار الجاهلي الذي يقول (شرار قومي ، أفضل من خيار قوم آخرين) والآخر الذي يقول (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) بمفهومه السلبي ، لماذا ؟ لان قومي من العرب مثلا ، والآخرون أعاجم ، هكذا فقط ، وهنا مكمن الخطأ في التفكير الشوفيني الذي ولد الكثير من موجات العنف والإرهاب في الأمة .

لقد كانت فكرة القومية ، في كثير من الأحيان ، سبب مباشر من أسباب تمزق الأمم ، ومنها الأمة الإسلامية ، كما أنها كانت ، ولا تزال ، الخطر الذي يهدد الكثير من البلدان العربية بالتقسيم والتجزئة ، إذ ، كلنا يعرف ، فان الكثير من المجتمعات في البلدان العربية  ، تتشكل من شرائح قومية مختلفة ، متعايشة مع بعضها ، ولكن ، عندما تشعر الأقليات القومية ، وكأنها من الدرجة الثانية أو الثالثة ، عندما يمنعها النظام السياسي من التمتع بحقوق المواطنة المتساوية مع الآخرين ، يراودها التفكير بالانفصال ، لتبني كيانها السياسي المستقل الذي تشعر بظله ، في آدميتها وإنسانيتها ، وتتمتع بحقوقها ، كاملة غير منقوصة .

لقد تجاوز العراقيون خطر التجزئة والتقسيم ، باختيارهم لمواطن كردي رئيسا للعراق الجديد ، ما يعني أنهم تجاوزوا عقدة الفكرة القومية الشوفينية التي ظلت ، ولعقود طويلة من الزمن ، تميز المواطنين العراقيين على أساس الانتماء القومي .

إن اختيار كردي رئيسا للعراق ، ألغى كل أنواع التفاضل بين العراقيين على كل الأسس الجاهلية ، ومنها القومية ، لينتصر العراقيون ، في نهاية المطاف ، لمبدأ المواطنة أولا ، على حساب كل المبادئ والأسس الأخرى ، وبذلك ، أبعدوا ، ولله الحمد ، شبح خطر التجزئة والتقسيم عن بلدهم ، الذي ظل يعاني من التمييز العرقي لعقود طويلة ، بعد أن بات يشعر العراقيون ، بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات ، بغض النظر عن الانتماء القومي .

ثالثا : كذلك ، فان لكل ظرف سياسي ، دوافع يوظفها الإرهابيون لممارسة العنف والإرهاب ، ففي حالة العراق ، مثلا ، هناك مجموعات تمارس الإرهاب ، فقط لأنها خسرت السلطة التي ظلت في أيديهم ، وبلا منازع ، على مدى نيف وثمانين عاما ، فراحوا يمارسون العنف والإرهاب من أجل إعادة عقارب الزمن إلى الوراء ، ليستولوا على السلطة المطلقة التي فقدوها يوم أن سقط الصنم ، ونظام الطاغية الذليل ، من جديد.

كما أن هناك مجموعات أخرى تمارس الإرهاب ، لأنها لا تريد أن ترى للأغلبية الشيعية أو للأقلية الكردية ، دور يذكر في النظام السياسي الجديد ، وهؤلاء هم فلول مجموعات من القوميين العرب والطائفيين ، ممن يطلق عليهم بالسلفيين السنة ، والسنة منهم براء ، براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام .  

أما النتائج التي تتمخض عن ذلك ، فهي واضحة جدا ؛

مزيد من الدماء والخسائر في الأرواح والممتلكات ، ومزيد من التخلف والتقهقر إلى الخلف ، ومزيد من الجهل والأمية ، وبالتالي ، مزيد من التراجع إلى الوراء ، وإذا كانت مجموعات العنف والإرهاب تتصور بأنها ستحقق إنجازا ما في أعمالها الإجرامية هذه ، فإنها ، وبكل تأكيد ، مخطئة ، لان الإنجاز الصالح لا يتحقق إلا بالوسائل الصالحة ، وليس القتل ، بكل تأكيد ، منها ، ولذلك ، فلو أن هذه المجموعات تقف وجيزا لتعيد النظر في أساليبها ووسائلها ، لتوصلت إلى هذه النتيجة ، والتي مفادها ، أن الإرهاب يؤخر ولا يقدم ، ويدمر ولا يبني ، وصدق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذ قال ؛ (من عامل بالعنف ، ندم) .

ترى ، كيف إذن نتمكن من احتواء حالات التطرف والإرهاب ؟  أو استئصاله جذريا ؟ .

إذا أردنا أن نستأصل الإرهاب من جذوره ، يلزم أن ننجز انقلابا ثقافيا وفكريا هائلا ، يغير الوعي ويصحح المفاهيم .

هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، يلزم أن يشمل هذا الانقلاب مستووين أساسيين ، هما السلطة السياسية ، والعلماء والفقهاء ، فهما المسؤولان المباشران عن كل فساد أو مرض أو داء يصيب الأمة ، والى ذلك أشار رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بقوله ؛ (فئتان ، إذا صلحتا صلح العالم ، وإذا فسدتا ، فسد العالم ، الفقهاء والحكام) ، أو كما في قوله الآخر ؛ (إذا فسد العالم ــ بكسر العين ــ فسد العالم ــ بفتح العين ــ) وفي قوله ؛ (الناس على دين ملوكهم) ، وفي غيرها من الأقوال المأثورة الكثيرة التي وردت في السنة النبوية الشريفة ، والتي أكدت على أن هاتين الشريحتين هما المسؤولتان ، أولا وقبل أي واحد آخر، عن فساد الأمم والأمراض المزمنة التي تصاب بها .

فلا زال الاستبداد السياسي هو الحاكم في بلداننا ، ولا زالت صورة الحاكم الأوحد ، هي التي تملأ حياة الناس ، ولا زالت الأنظمة الشمولية التي تستولي على السلطة مع تعاقب الأجيال والأزمنة ، هي الآمرة الناهية ، ولا زال فقهاء السوء هم المسيطرون على عقول الناس ، ولا زالت الفتوى الدينية التكفيرية والطائفية ، هي التي تقود الأمة ، ولا زال فقهاء البلاط ، هم الذين يسيرون دفة الدين ، إلى حيث الوجهة التي يريدها السلطان ، لا زال كل ذلك ، فان من الصعب جدا أن يتم استئصال العنف والإرهاب من جذوره ، إذ لا يمكن أن نتصور طريقة مناسبة لتحقيق هذا الهدف الإنساني السامي  ، إذ كيف يمكن ذلك ، ومنابع الإرهاب وأسبابه وعوامله هي التي تقود الناس وتدخل في كل مفصل من مفاصل حياتهم ؟ .

والسؤال المطروح ، هو ؛ ما هي ، إذن ، علاقة المنظومة المعرفية العربية ، بانتشار التطرف والإرهاب ؟ .

وهل أن هذا النظام المعرفي ، معبأ بالعنف والتطرف والكراهية للآخر ؟ .

وهل يشكل النظام المعرفي العربي ، عقبة أمام التطور نحو الإصلاح والديمقراطية ؟ .

إذا اعتبرنا أن الإعلام ، هو انعكاس للمنظومة المعرفية العربية ، وهو كذلك ، فسنكتشف العلاقة الحميمة بين هذه المنظومة وظاهرة التطرف والإرهاب .

إن المتتبع للإعلام العربي ، يكتشف ، وبكل سهولة ، أنه معبأ بالفعل ، بالعنف والتطرف والكراهية للآخر .

أنه ، وببساطة ، لسان حال إما الفكرة القومية الشوفينية التي تحرض ضد الآخر غير العربي ، أو النهج الطائفي الذي يحرض ضد الآخر المذهبي .

هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، ما برح هذا الإعلام ، يبرر للأنظمة الشمولية والاستبدادية الديكتاتورية ، التي سببت كل هذه المصائب والآلام للمواطن الذي يعيش في ظلها .

انه يهتم بأحوال الحاكم بكل تفاصيلها ، ولا يعير اهتماما يذكر بأحوال الناس .

انه يضيع الحقيقة على الناس ، من خلال خلط الأوراق ، وخلط الحابل بالنابل ، وتبرير الاستبداد والديكتاتورية والظلم .

تصور ، مثلا ، أن الطاغية الذليل صدام حسين ، لا زال هو رمز القومية العربية والبطولة والتحدي والصمود الذي يعرفه هذا الإعلام ، كنموذج ، للمواطن العربي .

كذلك ، فان أنظمة شمولية متخلفة ، كالتي تضج بها البلدان العربية ، لا زالت بالنسبة لهذا الإعلام ، هي رمز التطور والتنمية ، في الوقت الذي تعرف فيه الشعوب ، أنها هي السبب الحقيقي للامية والتخلف والمرض والركود الاقتصادي للبلاد .

هناك رسالة مشبوهة أخرى ، يسعى هذا الإعلام لتبليغها إلى المواطن في البلاد العربية والإسلامية ، وهي التأكيد على أن مصدر وسبب كل مصائبنا ، إنما هو الغرب ، في محاولة منه لتبرئة ساحة الأنظمة والحكام ، وهذا ما يساهم إما في تخدير المواطن ، إذا ما شعر بأنه عاجز عن فعل شئ ما ضد هذا الخطر الوهمي بعيد المنال بالنسبة إليه ، أو انه سيندفع لتجنيد نفسه في صفوف مجموعات العنف والإرهاب ، التي خدعته بشعارات المقاومة والجهاد ، ليضرب هذا العدو ، لإضعافه وإنقاذ الأمة من شروره ، على حد زعمه .

كما أن مثل هذه الرسالة ، تزيد الفجوة اتساعا بين المواطن والإصلاح الذاتي المطلوب ، بعد أن يظل يحلم بالتغيير من خلال ضرب العدو المصطنع ، أما عندما يتيقن المواطن من أن المشكلة منا وفينا ، وان العيب فينا وفي داخلنا ، فانه سيتجه إلى تشخيص المرض والخطر بشكل صحيح ، وعندها ، فسيوظف جهده بطريقة صحيحة تمس الواقع لتغيره ،

فلا يعيش الوهم طوال حياته .

إن الإعلام العربي ، بهذه الطريقة ، يساهم في تخدير عقول الناس ، وإشغالها عن النظر فيما هو السبب الحقيقي لمشاكلهم ، ألا وهي الأنظمة الشمولية الاستبداد والديكتاتورية .

وليس عبثا أن قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم ، وهو يشير إلى هذه الحقيقة الاجتماعية الكبرى ، بقوله ؛ ((إن الله لا يغير ما بقوم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم)) ، في تحديد واضح إلى أن أصل التغيير في الأمم ، ذاتي ، وليس خارجي ، وان الخطوة الأولى باتجاه التصحيح ، إنما تنبع من الذات وليس من الخارج .

أما الإعلام العربي الذي يمثل المنظومة المعرفية العربية ، فيحاول لي عنق الحقيقة ، من خلال إشغال الشعوب بأعداء ، ما كانوا ليصنعوا لبلداننا وشعوبنا ، لولا المرض الداخلي الذي تعيشه هذه الشعوب ، والذي يتجلى بسلطة الأنظمة الشمولية الاستبدادية .

إنها رسالة تخدير للشعوب ، أو رسالة تحريضية ضد الآخر ، لإلهاء الناس وإبعاد تفكيرهم عن اصل المشكلة .

إن رسالة الإعلام العربي اليوم ، وللأسف ، هي تخدير عقول الناس ، وصرفهم عن فهم حقيقة الإصلاح ، ومبرراته ووسائله الذاتية ، وكل ذلك يساهم في تكريس التخلف ويبرر للعنف والإرهاب الذي يخطئ ، والحالة هذه ، هدفه ، بعد أن تكون بوصلة اتجاهات الرأي قد أصيبت بالحول ، أو ربما بالعمى ، فيظل المواطن ، إما أن يدور حول نفسه من دون نتيجة ، أو أن يسعى للانطلاق باتجاه ما ، فيصيب هدفا خطأ ، لا يغير من واقعه المريض ، مهما صرف عليه من الجهد والوقت و .... الدماء .

ولا أريد هنا أن أبرر لأخطاء الغرب القاتلة بحق شعوبنا ، إلا أن الذي أريد توكيده ، هو انه ليس اصل المشكلة ، وإنما أصلها في ذواتنا ، وفي داخل حدودنا ، إذا صلح الداخل ، ابتعد الخطر الخارجي ، أما إذا ابتعد الخطر الخارجي فحسب ، فسوف لن تحل المشكلة أبدا ، وفي التاريخ عبرة ، لأولي الألباب .

ويتساءل كثيرون عن حقيقة حركة الإصلاح القوية التي يمر بها العالم ، لا سيما العالمين العربي والاسلامي ، والتي تتمثل باندفاع الشعوب نحو الشارع ، للقيام بعصيان مدني شامل ، يهدف إلى إسقاط الحكومات والقيام بالتغيير .

يتساءلون ويستفسرون عن سبب هذا التحرك في هذه المرحلة ؟ .

وللجواب على ذلك ، أقول ؛

عندما يرى المواطن في البلاد العربية والإسلامية ، العالم من حوله ، وقد تغير نحو الأفضل ، وعندما يشاهد هذا التقدم الهائل في مجالات الحياة ، ويسمع أو يقرأ عن التطور اليومي في مختلف مستويات الحياة ، يقف ليتساءل ، ترى ، لماذا لم يشملني كل ذلك ؟ لماذا يتطور الآخرون وأتخلف أنا ؟ لماذا لم تشملني الحكومة بالرعاية الصحية ؟ لماذا لم تشمل برامج التطور العلمي والتكنولوجي ، ابني أو ابنتي ؟ لماذا لا يتطور دخلي السنوي كما يتطور دخل الآخرين في هذا العالم ؟  وبلدي أغنى بلاد العالم ، بالفعل أو بالقوة ، لا فرق ؟ ما الذي استفدته ، أنا المواطن المسكين الذي يكد ليل نهار ، ويهتف في الشوارع ، بالروح بالدم ، تحية للقائد الرمز ، من دون أن يلمس أي تغيير ، لا في نمط حياته ولا في نمط حياة أبنائه ، وهم الجيل الجديد الذي يفترض أن يعيش منذ الآن ، نمط حياة تختلف كل الاختلاف عن الحاضر ؟ .

لماذا يتمتع الآخرون بالحرية والكرامة ، وأنا سجين ، لا حرية لي ولا كرامة ؟  لماذا يحق للآخرين أن يتحدثوا بصوت مرتفع ، فينتقدوا الحاكم ، مثلا ، وأنا ممنوع علي انتقاد حتى بواب الحاكم ؟  لماذا يتمتع الآخرون بحرية التعبير ، وأنا مقموع الرأي ، لا يحق لي أن انبس ببنت شفة ، أو ألقى مصيري المحتوم ، القتل ، أو التغييب في قعر السجون ؟ لماذا يصرف الآخرون ثرواتهم في بناء الجامعات ومعاهد البحث والأكاديميات المتخصصة ، وأنا تصرف حكومتي موارد بلدي في بناء السجون واستيراد أجهزة القمع والسلاح الفتاك وتوسيع الأجهزة الأمنية ، كما وكيفا ؟ .

هذه الأسئلة ، والملايين منها ، بدأت تراود المواطن في بلداننا ، ما أثار في نفسه وعقله ووجدانه ، الكثير الكثير من الحوافز التي راحت تدفعه دفعا للخروج إلى الشارع ، معربا عن شعور مكبوت في داخله ، يحاول أن يظهره بشتى الطرق ، وبمختلف وسائل التعبير التي أتمنى أن تنحصر في الإطار السلمي ، ولا تتجاوزه إلى العنف ، طبعا إذا استوعبت الأنظمة هذا التغيير في ذهنية الناس ، أما إذا أصرت على سياساتها القديمة التي تتهم كل حركة احتجاج داخلي ، مؤامرة مدعومة من الخارج ، ينفذها غوغاء يريدون تقويض الأمن في مملكة الرئيس ، فأجزم ، أن الناس سيختارون طرق أخرى للتعبير عن وعيهم الجديد الذي زرعته التساؤلات المشروعة التي باتت تضغط على المواطن بحثا عن أجوبة عملية ومشاريع حلول .  

ولكن ، هل يمثل العصيان المدني ، أسلوبا حضاريا جديدا ، يكون بديلا عن العنف ؟ .

وهل سوف يحقق هذا الأسلوب ، هدف التغيير ؟ .

لا شك أنه يمثل قمة الممارسة الحضارية ، ولقد اهتدت إليه الكثير من شعوب الأرض ، قبل ذلك ، ونجحت في تحقيق أهدافها ، كالهند مثلا في حركة المهاتما غاندي السلمية ضد الاحتلال البريطاني ، وجنوب أفريقيا في حركة نيلسون مانديلا ضد عنصرية البيض .

إنها أسلوب حضاري تهتدي إليه الشعوب المظلومة ، فهل ستهتدي الأنظمة الشمولية إلى حلول حضارية وسلمية مماثلة ، لتهتدي إلى ما ينقذ الأمة من مخاطر العنف والإرهاب والتخلف والجهل والأمية ؟ .

إنها معادلة ذات طرفين ، الشعوب من جانب ، والأنظمة الحاكمة ، من جانب آخر ، فإذا كانت الشعوب قد اختارت وسيلة التغيير السلمية ، فهل ستبادلها الأنظمة نفس الخيار؟ أم تبادر إلى السوط لتشهره بوجهها ؟.

أتمنى أن تفهم الأنظمة ما تريده الشعوب ، من إصلاح جذري يؤمن لها أولا وقبل كل شئ ، المشاركة الحقيقة ، وليست القرقوشية ، في الحياة العامة ، ليشعر المواطن بآدميته وحريته وكرامته ، فان المواطن بلا مشاركة حقيقية ، كالبهيمة المربوطة ، همها علفها ، ولقد ولى ذلك الزمن الذي ترضى به الشعوب أن تكون بهيمة الحاكم ، يعلفها ، ليحلبها فقط .

سؤال آخر يرد في هذا المجال ، يقول انه نلاحظ ، أن العالم العربي والاسلامي ، لا يتقبل عملية الإصلاح ، إلا بوجود ضغوط خارجية قوية .

ترى ، ما هو السبب في ذلك ؟

وهل بالامكان قيام الشعوب العربية والإسلامية ، بحركة الإصلاح ، من دون التدخل الخارجي ؟ .

اعتقد أن الأمر يرجع ، برأيي ، إلى سببين رئيسيين ؛

الأول ، هو أن جل هذه الأنظمة ، إنما استحوذت على السلطة ، في بلاد العرب والمسلمين ، بالقوة (السرقات المسلحة ، أو ما يعرف بالانقلابات العسكرية) أو بالوراثة وبدعم مباشر من الغرب ، كما أنها استمرت في السلطة كل هذه السنين الطويلة بدعم مباشر من أسيادها في بلاد الغرب ، لدرجة ، أن إرادتها السياسية ، ارتهنت بإرادة الغرب ، ولهذا السبب ، فهي تخشى غضبه ، كما يخشى الطفل من غضب الأب ، الذي يعده ولى نعمته .

لقد ارتهن كل ما يخصها بالغرب ، سياساتها ، اقتصادها ، أمنها ، حاجاتها التكنولوجية ، وجودها ، وكل شئ ، فهل يعقل أن ننتظر من هذه الأنظمة ، أن تبدي أي تحد للغرب ؟ ولذلك فهي تنفذ كل أمر يصدر هناك ، في عواصم بلاد ما خلف البحار والمحيطات ، بما فيها الدعوة للإصلاح ، ولذلك فوجئ العرب والمسلمون ، بالحماس الشديد الذي أبدته أنظمتها السياسية إزاء دعوات الإصلاح ، والتي لم تبادر لها  عن قناعة ، بكل تأكيد ، وإنما لأن أولي النعمة أرادوا ذلك ، أي أن إرادة غربية هي التي فرضت عليهم اتخاذ

هذه الخطوات الخجولة باتجاه الإصلاح ، والا، فالكل يعرف ، بان حديث هذه الأنظمة التي نعرفها ، عن الإصلاح والديمقراطية ، يشبه إلى حد بعيد حديث المومس عن الشرف ، وقديما قيل (فاقد الشئ لا يعطيه) .

إن هذه الأنظمة تنفذ حرفيا ، ما يريده الغرب منها ، لأنها مدينة إليه بوجودها وبقائها في السلطة والحكم ، ولو كانت هذه الأنظمة قد وصلت إلى دفة الحكم عن طريق صندوق الاقتراع ، ولو أنها كانت تستند إلى ركن الشعب الشديد ، لتحدت إرادة الغرب ، ولما انبطحت أمامها على كل حال ، إلا أنها عقدة الشرعية المفقودة التي تؤرق ليل الأنظمة ، هي التي تجعل منهم دمية بيد الغرب ، وآذان صاغية لكل ما يقول ، فتراها رهن إشارته ليل  نهار .

وبحمد الله تعالى ، ولحسن حظ الشعوب المغلوب على أمرها ، فان إرادة الغرب السامية صدرت هذه المرة ، تفرض على هذه الأنظمة ، الدمى ، ما ينفع الناس ، ألا وهو الإصلاح ، ولعلها المرة الأولى التي تتطابق فيه مصالح الغرب مع مصالح الشعوب في بلادنا ، بغض النظر عن الدوافع والأهداف والنوايا .

الثاني ، هو أن الهدف الأسمى لكل هذه الأنظمة ، هو السلطة ، وليس المواطن ، ولذلك فان كل ما من شأنه أن يهدد سلطتها بالفناء ، تقف بحزم بوجهه ، وتتحداه بكل الطرق ، حتى إذا سالت ، بسبب ذلك ، الدماء انهارا ، وامتلأت البلاد بالمقابر الجماعية ، وقتل الناس بالغازات السامة ، كما فعل نظام الطاغية الذليل صدام حسين في العراق على مدى نيف وثلاثين عاما ، من الحكم الشمولي الاستبدادي .

والآن ، ترى ، لماذا تتمركز حالات الاستبداد والديكتاتورية والمركزية المطلقة ، في العالمين العربي والاسلامي على وجه التحديد ؟ ولماذا تأخر كثيرا في ممارسة الديمقراطية ؟ .

اعتقد أن هناك أسباب كثيرة في معرض الجواب على هذا السؤال ، منها على سبيل المثال لا الحصر ؛

الموروث التاريخي الذي تناقلته الأجيال ، والذي تراكمت فيه حالات الاستبداد والأنظمة الشمولية إلى درجة كبيرة .

كما أن لغياب الإحساس بالمسؤولية لدى المواطن ، دور في تكريس حالات الاستبداد السياسي .

إن المواطن عندنا ، يتصور بأن الحاكم الذي هو ظل الله في الأرض ، إنما خلق ليفكر بالنيابة عنه ، وهو لا يخطأ ، فلماذا يشغل نفسه بأمور هي من اختصاص صاحب الجلالة ، دعه ، إذن ، (هذا المواطن) يغط في نوم عميق ، لا زال هناك ، في قصر الإمارة ، من يفكر نيابة عنه ،  ويرعى مصالحه ، طبعا في الوقت الذي يكون فيه الحاكم مشغول بحياته الخاصة ، مع غلمانه وجواريه وليالي السمر التي لا تنتهي .

كذلك ، فان للاستبداد الديني ، دور في ذلك ، هذا الاستبداد الذي نمى عندما شاعت في بلاد العرب والمسلمين المقولة المشهورة التي تبرئ ساحة المواطن من كل مسؤولية ؛ (اعصبها برأس العالم ــ بكسر اللام ــ واخرج منها سالما) .

لقد استغل الحكام وفقهاء السوء ، هذه اللاابالية ، لتكريس سلطتهم ، وبالتالي لتكريس النظام الشمولي الاستبدادي الديكتاتوري .

سؤال آخر يرد هنا في معرض الحديث عن الإصلاح ، يقول ؛ ما هي عناصر وشروط نجاح ممارسة الديمقراطية ، في العالمين العربي والاسلامي ؟ .

وهل ترغب الشعوب في أن يكون الإصلاح من الداخل ، أم من الخارج ؟ وماذا لو لم تتمكن من تحقيق الإصلاح من الداخل ، بسبب البطش والقمع الذي تمارسه الأنظمة الاستبدادية الحاكمة ؟ .

وما هي النتائج المترتبة على الإصلاح من الخارج ؟ .

أولا ، يجب أن يكون الإصلاح ذاتيا ، بالتأكيد ، فيأتي من الداخل ، لينبثق عن ضمير الأمة ، ولا يفرض عليها فرضا من الخارج .

قد يكون العامل الخارجي ، عنصرا مساعدا في تحقيق عملية الإصلاح ، كما هو الحال بالنسبة إلى حالة كالعراق مثلا ، أما أن يكون هو الأصل ، فهذا ما يتناقض وجوهر الإصلاح ، الذي يجب أن يكون متسقا مع حركة المجتمع بكل تفاصيله .

إن أي إصلاح من الخارج ، سيفرض ، كما هو معلوم ، شروطه وأجنداته الخاصة على المجتمع ، مثله كمثل الأنظمة السياسية التي تستند إلى الدعم الخارجي للوصول إلى السلطة ، فكما أنها ستبقى رهن إرادته ، كذلك ، فان مثل هذا التغيير ، سيظل رهن إرادة العامل الخارجي إلى ما شاء الله .

وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ، هواجس شعوبنا إزاء كل ما يقوله أو يفعله الغرب ، واعتبار أن رأيه وتقريره ، مؤامرة عليها ، مهما كانت النوايا ، فعندها سنتيقن بأن هذه الشعوب ، سترفض أي إصلاح من الخارج وستقاومه ، فقط لأنه جاء من الخارج ، وانه مدعوم من

هناك ، وان كانت نتائجه ، في نهاية المطاف ، لصالحها.

كما أن الأنظمة ستوظف التدخل الخارجي لتعبئة صفوفها ، لمواجهة أي عملية إصلاح حقيقية محتملة ، وهذا ما يعرقل الإصلاح ، أو على الأقل يؤخره .

كذلك ، يلزم أن يكون الإصلاح منبثق عن إرادة شعبية ، يأخذ بنظر الاعتبار خصوصيات المجتمع ، في حين أن الإصلاح من الخارج ، لا يأخذ بنظر الاعتبار أية خصوصية من خصوصيات أي مجتمع ، لأنه في الأساس يجهلها ولا يعرفها أبدا ، ولذلك يكون الإصلاح من الخارج ، عادة ، متناقضا مع إرادة الشعوب ، لأنه لا يأخذ خصوصياتها بنظر الاعتبار ، بأي شكل من الأشكال .

نقطة جوهرية يجب أن تأخذها الشعوب بنظر الاعتبار ، بخصوص العامل الخارجي المساعد ، وهي ، أن الإصلاح في عالمنا العربي والإسلامي ، وفي هذه المرحلة على وجه التحديد ، بحاجة ، بالفعل ، إلى العامل الخارجي ، الذي أتمنى أن يأتي عن طريق المنظمات الدولية والمؤسسات العالمية ، وليس عن طريق دولة بعينها ، كالولايات المتحدة الاميركية .

أقول انه بحاجة إلى العامل الخارجي ، بسبب ظروف القهر والاستبداد والديكتاتورية التي تمسك برقاب الشعوب ، ولذلك ، أعتقد بأن من الصعب جدا ، إن لم أقل من المستحيل ، تحقيق الإصلاح ذاتيا ، ومن الداخل ، ومن دون العامل المساعد الخارجي .

فعندما يضيق النظام السياسي الخناق على الناس ، ويسيطر على كل موارد الدولة ، ويصادر الحريات ، ويقمع الإرادة ، ويسحق الكرامات ، ويزج بالأحرار في غياهب السجون والمعتقلات ، وعندما لا يتورع في استخدام العنف والقتل ، حتى بالغازات السامة ، لقمع معارضيه ، وعندما يأخذ الناس على الشبهة ، ويقتل على الظنة ، ويأخذ البرئ بجريرة المذنب ، عندها ، سوف لن يكون أمام الناس إلا أن ترنو عيونهم إلى الخارج ، حيث العامل الخارجي المخلص ، الذي سيمنحهم هامشا من الحركة نحو الإصلاح ، بالرغم من الثمن الباهض الذي قد تدفعه الشعوب التواقة إلى الحرية والإصلاح والتنمية السياسية .

وفي هذه الحالة ، فان كل ما يترتب على تدخل العامل الخارجي من آثار سلبية ، قد تكون مدمرة في بعض الأحيان ، كما هو الحال في العراق اليوم ، فان الأنظمة ، دون غيرها ، هي التي ستتحمل المسؤولية كاملة ، وليس للشعوب دخل في ذلك ، لان سياساتها هي المسؤولة ، وان تعنتها واستبدادها ، هو المسؤول عما ستؤول إليه الأمور إذا ما دخل العامل الخارجي ، كمساعد في عملية التغيير والإصلاح .

وان مما لا شك فيه ، فان الشعوب تتطلع إلى ذلك اليوم الذي تبادر فيه الأنظمة السياسية إلى تبني عملية التغيير والإصلاح التي طال انتظارها طويلا ، ولكن ، ماذا عساها أن تفعل ، إذا ركبت الأنظمة عقولها ، ورفضت كل نداءات الاصلاح الداخلية ، فبدلا من أن تصغ إلى رأي المعارضة ، تبادر إلى قمعها والتنكيل بها ؟ وبدلا من أن تسمع إلى ما يقوله الشارع ، تبادر إلى اعتقاله واتهامه بالخيانة والعمالة للأجنبي ، وكأن الإصلاح مطلب أجنبي وليس مطلبا وطنيا داخليا ، تنادي به الشعوب ليل نهار ؟ أو كأنه ليس حاجة إنسانية وحياتية ملحة تعشقها الشعوب ، لتعيش حرة كريمة ؟.

 

5 – 5 - 2005