فهمى الهويدى و(الدولمة) التركية

محسن جوامير*

   

لقد زار فهمى الهويدى تركيا فى الآونة الاخيرة، و يبدو من سياق احاديثه ومواقفه أنها تمت عن طريق الجبهة التركمانية التى جعلت من نفسها ـ بعد خسارتها الفادحة فى الانتخابات ـ عرابا تركياً، لعلها تعيد بعض اعتباراتها التى  فقدتها بفعل تلك الطامة الكبرى.

 زيارة الهويدى كانت هذه المرة بروتوكولية اكثر من أن تكون تقصيا للحقائق او وقوفا على الوقائع بنظرة حيادية . لهذا نجده يقيس آراءه على المعيار التركى بالتمام والكمال، حيث ينسف كل ماقاله فى السا بق ـ من دفاع وتأييد لقضايا الكورد وآماله ـ واضحى نسخة من الكمالية.

الهويدى و فى مقاله (اكراد العراق يلعبون بالنار) المنشور فى جريدة الشرق الاوسط بتأريخ 20050330 افرغ كل مافى جعبته السياسية، ووقف معاديا حتى تجاه لسان الكورد الذى جعله البارئ تعالى آية مقدسة من آياته التى على صخرتها تتهشم كل نظرية تدعو الى دكتاتورية اية لغة ـ بدون استثناء.

لقد غاب عن ذاكرة الهويدى وهو يكتب مقالته، دور الكورد فى التأريخ الاسلامى، حيث لولا أن قيض الله رجلا عظيما مثل صلاح الدين الايوبى لحفظ الاسلام و بنيانه، لما كان اسم الكاتب اليوم( فهمى)ياً، ولما كتب الرجل اليوم ضد الكورد وآماله(بالعربية)،ولمشى تأريخ مصر الكنانة القهقهرى،الى ما قبل مقوقس.

ولولا رجل مثل الشيخ سعيد النورسى الكوردى و مآثره فى تركيا، لكانت صلاة الهويدى فى زيارته لتركيا مؤداة فى جمعيات اسلامية على غرار البلدان الاوروبية، وليست فى مساجدها.

واليوم يطلع علينا الهويدى ليؤلب الجامعة العربية ـ صاحبة اوهن البيوت ـ ضد الكورد، ومادحا وقفة تركيا العنيدة للاجهاز على كل خطوة يتقدم بها الكورد نحو الامام، بعد طول المعاناة  التى المت بهم و بآباهم واجدادهم، بُعيد تقسيم المنطقة و تحريمهم حتى من شبر من الارض.

عاد من تركيا الى بلده ليهاجم الكورد لانهم يرفضون رفع العلم العراقى الذى كتبت عليه ـ استهتاراً ـ اقدس عبارة (الله اكبر) بيد فرعون احرق العباد و البلاد.

جاء من تركيا وعلى لسانه بيانات يهدد الكورد بها و يتوعدهم و يشي بهم كون اللغة العربية ممنوعة تعلمها فى بلاد الكورد... وكانه يدعو الى اتباع مذهب (العروبة اولاً) الذى بشر به شيخ العنصريين و الفاشيين العرب اليمنى المولد ساطع الحصرى!!

وكان الاجدر به أن يسأل حتى يعلم بانه مع كل العقد التى ولدتها ممارسة العروبيين فى كوردستان فى النفس الكوردية، فانهم يحترمون اللغة العربية ويدرسونها بشوق فى مدارسهم و مكاتبهم بجانب الكوردية، وليس نزولا عند خاطر الاستاذ الهويدى و انصاره. ونسى أن الاتحاد الاسلامى الكوردستانى ـ الذى يرفع بدوره ايضا شعار حق تشكيل دولة كوردستانية ـ هو ثالث قوة فى كوردستان.

كان الاولى بالهويدى قبل أن يرمى الكورد باحجار الجهل باللغة العربية بتحاشيهم تعلمها ـ والذى هو ادعاء ليس فى مكانه ـ أن يوجه خطابه اولأ  الى بعض المسؤولين السياسيين العراقيين العرب الذين لا يميزون الفاعل من المفعول ، والفتحة من الرفع، والكسرة من السكون.ناهيكم عن حالهم التعيس و لسانهم البائس حينما يستشهدون بالآيات القرآنية.

كان حريا به أن يقارن بين طلاقة لسان قادة الكورد (فى العربية) امثال مام جلال و مسعود البارزانى وصلاح الدين بهاءالدين و هوشيار زيبارى و بين الآخرين من المسؤولين العرب.

اقولها بكل صدق ، اننى برغم كونى كوردستانياً، ولكننى  اتفصد عرقا عندما اسمع واشاهد بعض القادة والكتاب العرب وهم يستهشدون بآيات قرآنية، وكأنهم لتوهم دخلوا كتاتيب الصبيان لتعليم القرآن ،يخطأون حتى فى الآيات الكريمات التى يتداولها الناس غالبا مثل: (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)...

اقول: لو أن عباس محمود العقاد الكوردى و احمد شوقى الكوردى و محمد على الكوردى (اول رئيس للمجمع العلمى العربى فى دمشق) و ادباء عائلة التيمور الكوردية فى مصر، كانوا على قيد الحياة، واستمعوا للمسؤولين من ابناء الضاد، لأقاموا مجلس العزاء على روح اللغة العربية.

 ثم نتساءل كم لوحة عربية معلقة على الدكاكين و المحلات، شاهدها الهويدى فى تركيا، او فى ايران اوباكستان اواندونوسيا او نيجيريا؟... لمَ لم يصرح بهذا الكلام بين اخوته من السياسيين الاسلاميين الاتراك فى زيارته الاخيرة لهم، ليتنسى اعادة مجد العربية الذى ضاع تحت قدمى عجلهم المجسد (اتاتورك) الذى ما زال يقدسونه على عادة بنى اسرائيل، وحتى الحروف العربية قصفتها لاتينيتهم. لمَ لم ينصح علماءهم الدينيين الذين اقصى مالديهم من شحنة التحدث بالعربية لاتزيد قوتها عند المخاطبة عن: مرهَبا! كيف هالُك؟!...  

إن الهويدى ومنذ أن خطفته انياب الجبهة التركمانية المهزومة من الانتخابات، وسلمته الى المخلب التركى، و هناك اكّلوه (الدولمة) التركية، فقد توازنه السياسى، واصبح حاله حال زميله (صبرى طرابية) صاحب الاكاذيب الجاهزة والمعلبة دائماًَ، والذى لايتورع من خلق الافتراءات و نسجها، وهو الذى يبحث ـ حتى ـ عن حجر اراد كوردى أن يزيله من على قارعة الطريق ـ ليقول: ها بالله عليكم انظروا! إن هذا الكوردى يريد أن يضرب التركمانى بالحجر... فى حال لا الكوردى قصد هذا ولا التركمانى استنجد لذاك.

 

*كاتب كوردستانى/ السويد

 

HOME