نعم ـ انا خائف من رئاسة الطالباني!
محسن جوامير/ كاتب كوردستاني ـ السويد   

   

جاء في الاثر (لايُلدغ المؤمن من جحر مرتين)... ولا اظن أن هناك تاريخاً من التواريخ ملئ ـ مثل التأريخ الكوردي ـ بالمنعطفات والمنغصات التي تستوجب استقاء الدروس والعبر منها، حتى لا تعود الكرّة عليه، و تتحقق الآمال المنشودة.

فالكورد وفى اليوم الذي اُلحق وطنه كوردستان بالعراق العربي رغماً عن ارادته و بارادة دولية لم تَر إلا مصالحها، تبعته سلسلة من الارهاب و الترويع و حملات قل نظيرها فى التأريخ البشري قديماً وحديثاً.. لقد ضُرب الكورد بانواع الاسلحة الكيماوية ، وتعرض لابشع الحملات التى سُميت بالانفال، و دًُمرت مدنه و قصباته، وقطعت اوصالها ابتداءً من سنجار و شيخان ومروراً بمخمور و كركوك وانتهاءً بخانقين و مندلي وزرباطية، وافرغت من اهلها الكورد، وجيئ بغرباء عن الارض و اللغة و التأريخ.

وحينما عاد البعض من اهالي هذه المناطق  بعد تحرير العراق ـ الى كركوك مثلاً ـ لاسترداد اراضي أباءهم و اجدادهم، اُعتُبروا محتلين وادعى اعداء الكورد ـ من المستوطنين و المرتبطين بهذه الدولة اوتلك ـ بان هؤلاء جيئ بهم من بلدان اخرى، وارتفعت ـ في بعض الصحف و المواقع ـ اصوات بُحت من شتم الكورد، و نغمات نشازة مازالت تبطش وتسطو بكوردستان بطشاً وسطوا.ً وصَعدت نداءات من هذا البلد او ذاك بأن لا حصة للكورد فى هذه المدينة التي هى اقرب اليهم من حبل الوريد... والطامة الكبرى جاءت من بلاغات صدرت من اطراف كانت الى الامس القريب صديقة و شريكة فى المحنة مع الكورد ، فانها على عكس ما وعدت به عند الاتفاق مع الكورد بالالتزام بالعهد والوعد، فقد قلبت ظهر المجن للكورد بذريعة انتهاء العهد البائد... وبرزت تصريحات تنفي كون كركوك  كوردستانية، وذلك لتطمين الذين يعادون الكورد حتى النخاغ، كما ورد على لسان الاستاذ عمارالحكيم حينما كان ضيفا على مائدة الاتراك... وكأن تركيا وصية على اختيارات الشعوب.

 أنا خائف ...! لانني اخشى أن يتحول تسلم المناضل جلال الطالبانى لرئاسة الدولة التى لم يذهب هو اليها  بل هى أقبلت عليه بدعم واصوات شعبه وقيادته وجدارته الشخصية التي تتميز بالكاريزما... نعم اخشى أن يتحول الى منة يمنون بها على الكورد قائلين ضمنا اوعلناً: ماذا تريدون بعد، ألا ترون أن الكوردي اصبح رئيساً للجمهورية؟ وكأن تنصيب هذا الزعيم الكوردي او ذاك لهذا المنصب الكبير او ذاك، هو اقصى ما يتمناه الكورد، ولا يتعدى الى تحديد مصير كوردستان و مستقبل ابناءه السياسي بالصيغة التي يريدها.

أنا خائف ...! لانني قلق على أن هذه  المرحلة ربما تكون كسابقاتها خطوة مسكنة و حبوباً مهدئة او منومة، يعقبها او يكتنفها النكول عن كل العهود و المعاهدات التي ابرمت  بين الكورد والاطراف الوطنية الاخرى، وبالتالي تعود الامور الى خانة الصفر، ويكافأ الكورد و يُجزى جزاء سنمار... وتصبح الحقوق الكبرى التي اريقت من اجلها دماء مئات الالوف من الكورد، صائرة الى نفق الحقوق الثقافية و الادارية المقتصرة على حرية اللغة و الدراسة بها او كون المدراء والامراء من الكورد، وتُهدى الى الكورد فدرالية المحافظات او الحكم الذاتي(وكأن الحقوق منحة او هبة!)، وتدفن بالتالي كل الآمال العظام تحت مظلة أن رئيس الجمهورية العراقية كان في يوم ما كوردياً.