كركوك ..... بين مطرقة المطاليب الكوردية... و سندان المراوغة الشيعية
جلال الجباري

   

 

أن الأعتراف بالمطاليب الديمقراطية المشروعة للشعب الكوردي في العراق يتطلب قدرأ كبيرأ من الفهم الواقعي العميق والمبدئي للديمقراطية كأسلوب وحيد للتعايش في بلد متعدد الاطياف مثل العراق....

التصور الشيعي لمجريات الامور السياسية في العراق وغير العراق لا يعدو كونها أكثر من تصور مذهبي مبتوريستند الى مفاهيم عتيقة من الفقه الشيعي في الحكم ويستند الى ولاية الفقيه والدور المفترض للمرجعيات الدينية في الحياة الخاصة والعامة, وهي تتراوح بين التدخل المباشر في كل صغيرة وكبيرة(الخميني نموذجأ) أو تغليف ذلك بأساليب المباركة والتأييد وادعاء الحياد( السيستاني نموذجأ)!!

بالنسبة لنا ككورد , علينا ان نعي هذه الحقيقة , فكما ان البعث السوري والعراقي لم يكونا الاّ وجهين لنفس العملة  العروبية الشوفينية , فالاحزاب الشيعية في العراق ايضأ لا تختلف لا في توجهاتها السياسية ولا في برامجها التكتيكية والاستراتيجية(هذا اذا كانت تمتلكها اصلأ) عن مثيلاتها الايرانية,والمتتبع لمجمل السياسة الايرانية لعقود من عمر( الثورة الاسلامية) سواءأ بالنسبة لشعبنا الكوردي في ايران او بقية الشعوب الغير الفارسية ,يدرك بشكل جلي عطايا وابداعات تلك ( الثورة) في مجال حقوق الأفراد والشعوب, فمن العبث انتظار المعجزات من التؤأم العراقي للأسلام السياسي الشيعي في العراق, والأناء لا ينضح الاّ ما فيه.

العلاقة الشيعية الكوردية على المستويين الشعبي  العفوي والسياسي المنظّم اتسمت بالتناغم والانسجام والمواقف المشتركة ,لا سيما ان التوجه العام للسلطات الحاكمة كانت على ألاغلب تعّبر عن الفكر والممارسة العربية بوجهيه الشوفيني القبيح تجاه الكورد السنة, والطائفي المقيت تجاه الشيعة العرب ,مع أستثناء واحد فيما يخص الكورد الفيليين الشيعة, حيث أصابتهم الشر العربي السني بشقيه القومي والطائفي. 

أستبشر العراقيين  المضطهدين أبان النظام السابق خيرأ, بزوال نظام جائر لم  تعرف البشرية مثيلأ لها في استخدام أبشع الأ ساليب القمعية ضد الكورد بالدرجة الاولى ,والشيعة بالدرجة الثانية,  وكان أبشع ما مورس بحق الكورد على وجه الخصوص , حملات الأبادة العرقية وتغيير الواقع القومي للكورد في مدن مهمة من كوردستان وعلى رأسها كركوك,وتجّلى الأسلوب الشيطاني البعثي في أستخدام العرب الشيعة من أنصار النظام في تنفيذ هذه السياسة الاجرامية , عملأ بالاساليب الميكافيلية في استعداء الأعداء ضدّ بعضهم البعض ,وضرب العصفورين بحجر واحد,وكان الهدف الحقيقي للنظام هو القضاء التدريجي على الوجود الكوردي ليس في كركوك فحسب بل في  كل العراق,و كما فعل كمال اتاتورك ذلك عبثأ في كوردستان الشمالية في عشرينيات القرن الماضي .

وهنا تكمن أوجه الخلاف بين نمطي الأضطهادين الشيعي  والكوردي , وبالتالي اختلاف طرق تجاوزها وايجاد الحلول المناسبة لها,فالشيعة لم يتعرضوا الى تغيير في واقعهم القومي والجغرافي,لم ينقل النظام مئات الالوف من العرب السنة أو من الاكراد السنة الى مدن كربلاء والنجف بغية تغيير واقعهما المذهبي , والا كنا نجد الآن الشيعة يطالبون  باخراج هؤلاء الغرباء من مدنهم( الشيعية) , هذا اذا لم يكن عصابات جيش المهدي قد أبادتهم عن بكرة أبيهم, انتقامأ لدم الشهيد الحسين!, وبالطبع لم يمنع النظام السابق الشيعة من استملاك البيوت والممتلكات , كما فعل مع الكورد و لأكثرمن ثلاثة عقود في كركوك  ولم يمنع الشيعة بتسمية اولادهم باسماء عربية اويافطات محلاتهم بلغتهم الأم.......

لقد حصل الشيعة على كل حقوقهم وتم تجاوز كافة المعوقات امام الشيعة في تبوء أعلى المراتب في سلم الحكم في العراق, وباتوا يحتفلون بكل مناسباتهم الدينية بكل حرية (وهذا من حقهم طبعأ) ,ولكن بالمقابل ماذا حصد الكوورد والذين كان مديات الظلم الذي لحق بهم سابقأ اكثر عمقأ في الكم والنوع والفترة الزمنية من الشيعة اضعافأ مضاعفة.....

 فالفيدرالية كخيار ديمقراطي للشعب الكوردي , والتي ناضل في سبيلها عقودأ من الزمن, ودفع من أجلها مئات الألوف من الضحايا , باتت تنتظر مباركة السيستاني ,حتى تصبح قانونأ نافذأ ....فنحن الملايين في العراق ياأعزائي, أصبحت مطاليبنا وحقوقنا وآمالنا مرتبطة بموافقة آية الله السيد السستاني( حفظه الله ورعاه),حتى تتحقق ام لا تحقق !!!!,  ... فهو القانون والدستور الذي يعلو ولا يعلى عليه  وهو العزيز الحكيم ...الذي يقول كّن, فيكون....فيا بؤس الديمقراطية , ويا بؤس الانسان وحقوقه في الالفية الثالثة!!!!

صحيح ان سماحته لم يفتي لحد الآن بجواز قتل العراقيين كما فعل سلفه آية الله محسن الحكيم في الستينيات من القرن الماضي, وطالت فتواه المشؤومة رقاب المئات من الشيوعيين آنذاك , الا ان سكوته الآن مما قام بها النظام السابق في كركوك من افراغ المدينة من سكانها الكورد وتوطين الآلاف من العرب الشيعة بشكل خاص , بل ووقوفه ضد تطبيع الاوضاع فيها, لا يقل بشاعة في نظرنا نحن الكورد عن فتوى الحكيم في اثارها السلبية ومعانيها الانسانية عن قتل الشيوعيين آنذاك, وهل انه كان سيتخذ نفس الموقف لو ان الكورد او العرب السنة كانوا قد استوطنوا في النجف او العمارة وبنفس الاساليب البعثية التي تمت في كركوك .

ان مستقبل العراق كبلد مقبل على الديمقراطية والتعددية والفيدرالية هي حقأ في كف عفريت , لو قدر للشيعة ان يتحكموا فيها بتوجهاتهم الطائفية ومرجعياتهم المعصومة من الأخطاء والزلل , ولدينا النموذج الايراني مثلأ , فكما قام الملالي في ايران بجّر البساط من تحت أرجل كل الوطنيين والديمقراطيين الأحرار في ايران , فلا يستبعد تكرار نفس السيمفونية في العراق , ولو بأسلوب مختلف مستند الى صناديق الاقتراع وحكم الاكثرية ,والاسلوب المتبع هنا هو وكما يقول المثل الشعبي( استكمن حتى تتمكن).

والسؤال الملّح هنا بالنسبة لنا ككورد هو .... هل علينا الانتظار على هدي الوعود المبهمة والحلول المؤجلة لمشاكلنا, وكما فعلنا مع البعث ايام اتفاقية آذار وننتظر ,بل ونعمل,, حتى تقوى شكيمة النظام فيقابل مطاليبنا بالنابالم والكيمياوي , تمامأ كالحطاب الذي يقطع الغصن الذي يقف عليه!!!!

المثل الانكليزي يقول ( قد يظن اللّص نفسه شريفأ , اذا لم يكن لديه ثمة فرصة للسرقة )

والمثل الكوردي يقول ( رحم الله سارق الكفن)

ترى هل يتعّض قياداتنا السياسية بهذه الأمثلة وتلك العبر , أم أنها مقتنعة بأن المسلم أخو المسلم, ولا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوىّّّ!!!!!!

 

 

 

 

 

 

 

 

HOME