مقتطفات من تأريخ امراء سوران

ومقتل الامير الكردي علي بيك الداسني.

أعداد: هادي باباشيخ..

   

        hadi_babascheich@hotmail.com 

في عام 1244للهجرة قتل علي آغا الالقوشي على يد الامير الكردي علي بيك الداسني فالتجأ العالم الكردي المعروف الملا يحيى المزوري الذي كان ابن أخي علي آغا القتيل الى الامير محمد امير رواندوز ملتمسا منه الثأر والانتقام, وذلك في منتصف نفس العام . فاستضافه الملا محمد الخطي بأمر من الامير واحترم قدره ووعده بكل مساعة . وبعد وصول الملا يحيى وقع خلاف بين سعيد باشا وابن اخيه اسماعيل باشا فتأثر الاول من الثانيوالتجأ الى الامير محمد طالبا منه العون فاستضافه الامير لديه وأجله ووعده خيرا.

وكان كل من الملا يحيى وسعيد آغا يحرضان الامير دوما على السير لاحتلال العمادية والانتقام من الداسنيين, ولم

يكفا عن التحريض الى ان أضطر الامير البعيد النظر لان يعدهما بذلك ويتفق معهما حوله. فكتبا هما بدورهما الى انصارهما واعوانهما يطالبان منهم التهيؤ لليوم الموعود, وبتدبير من الاميرالباديناني والملا المزوري تجول أهالي بادينان صغارا وكبارا الى موالين للامير محمد فكانوا ينتظرون مقدمه... واستعد الامير للانقضاض على بادينان والداسنيين وجهز الجيوش والمعدات ,وفي تلك الايام كان علماء بغداد ووجهاؤها بلغ منهم التذمر من حكومتهم حدا بعيدا ,وأصبحوا يائسين من حياتهم التي كانوا يحيونها ,كما كانت أنباء عدل الامير محمد وشهامته واهتمامه بشؤون الرعية قد طرقت اسماعهم ,فكتبوا اليه رسالة يحرضونه فيها على التوجه لفتح بغداد ,كما ان رسائل أخرى قد وردته من انحاء مختلفة يستدعونه فيها لتحرير مناطقهم ويطلبون منه العون والمساعدة ..

في عام 1247للهجرة سار الامير بقوات كبيرة وعبر نهر بادينان وهاجم منطقة الاكراد الداسنيين وقتل منهم الكثير ,فقام علي بيك الداسني بجيشه لملاقاة الامير محمد الرواندوزي , وبعد قتال عنيف سقط فيه قتلى كثيرون ضيق الخناق على علي بيك الداسني وطرد حتى اضطر الى الفرار وهرب بأهله وأولاده الى طور العابدين..

أما رجاله فقد اختفى كثير منهم في الجبال والوديان والغابات وتوجه معظمهمالى الموصلوتعقبهم الامير محمد قتلا وجرحا واسرا والتقي بلأمير الداسني علي بيك في تل (كوينجك) وحلصره من كل صوب وبعد قتال لم يستمر طويلا أخذ علي بيك الامان وسلم نفسه مع أهله فأرسلهم الامير فورا الى العاصمة رواندوز. وبعد هذا الانتصار حول الامير زمام حصانه شطر الموصل فخاف الوالي محمد بيك والي الموصل وهدم جسر دجلة وعبأالقلاع والحصون والابراج وسد ابواب القلعة على نفسه وتحصن فيها, ونهب الامير محمد جميع القرى والضياع الواقعة في اطراف الموصل واخضع كل من وقف في طريقه وسار بجيشه الى العمادية وبوصوله اليها حاصرها بشدة فتحصن فيها الامير موسى باشا واحكم اغلاق ابوبها وحشد الجيش والاعتدة في الحصون والابراج بقصد المقاومة وقطع له الاهالي بنية صادقة عهدا على انفسهم بأن يحاربوا الى جانبه.اما الامير محمد فكان من جهة يواصل حصاره الشديد للمدينة ومن جهة اخرى ارسل قسما من قواته لاحتلال زاخو بقيادة احد اقربائه واسمه شالي بيك وارسل قسما اخر منها بقيادة اخيه رسول بيك الى سنجار فاحتلها. وبعد ثلاثة اشهر من حصار العمادية وتضيق الخناق عليها ارتبك وصع اهلها ومات منهم خلق كثير وعم بينهم القحط والمجاعة فاضطروا للتفاوض مع الامير محمد وجرى بينه وبينهم تبادل رسائل وتصالحوا على اساس اعطاء الامان وعدمالايذاء والقتل والنهب فسلموا القلعة والمدينة .وبعد ان عاد الامير تنظيم امور المدينة ابقى موسى باشا حاكما عليها وترك له عددا من الجنود. ..

وقبل ان تنصرم سنة على هذه الاحداث ساق الامير محمد جيوشه لفتح عقرة فتصدتله قوات اسماعيل باشا بقيادة بسي آغا الزيباري وحصنت المضايق والوديان والمعابر وهاجمتها قوات الامير فحمى وطيس القتال ووقع عدد كبير من القتلى والجرحى وضيق الخناق على الزيباريين حتى اضطروا للانسحاب الى المدينة ووصلوا قلعتهم, وكانوا يحاربون في دروب المدينة وضواحي بساتينها ,وفي اليوم الثاني للقتال جرح المدعوشالي بيك من اقارب الامير محمد في موضعين من ساقه وقتل كثيرون من جند الامير الرواندوزي الاانه لم يتخلى من جراء هذه الهزائم عن المحاصرة بل واصلها فاستمرت الحرب حوال القلعة حوالي شهر كامل .

ومع ان الامير الشجاع نال الكثير من الاذى على ايدي الزيباريين فان رغبة الفتح كانت مستحوذة على نفسه

وكان بسي آغا رجلا باسلا ذائع الصيت اشقر اللون يهاجم بضراوة ويدافع عن القلعة ببسالة وقتل عدد كبير

من أشهر وأشجع رجال الامير الرواندوزي. وأصدر الامير امره بهجوم صاعق على القلعة تحت جنح الظلام

واحتلالها ,ان ضيقت الخيالة الخناق على المدينة ليلا وخرج بسي آغا للقاء المهاجمين,وقتل عشرة عرفاء من

جيش الامير محمد وضيق الخناق على جنوده فأمر الضابط عبدالله الآكويي وكان ممسكا خنجره بيده امرالعرفاء

ان يدفعوه الى الامام وان يكونوا خلفه وان يقتلوه اذا لوى رأسه والتفت الى الوراء,فربط اثنا عشرة من عرفاء جيش الامير انفسهم بحبل طويل ووقف واحد منهم وراء الاخر وقدموا عليهم عبدالله آكويي وكانوا يدفعونه نحو القلعة وهكذا تمكن هذا الضابط من الاقتراب من جدار القلعة فتصدى لهم بسي آغا ونزل لمبارزتهم وكان عبدالله

اغا مصوبا بندقيته ويتقدم الى الامام وما ان اقترب بسي اغا حتى أطلق عبدالله اغا ببندقيته طلقة اصابت الطلقة صدر بسي اغا وبطحنه على الارض فجره عبداللهالآكويي من رجله ورماه الى أسفل ونادى على الامير محمد

مبشرا اياه بفتح القلعة فامر الامير بأن يهاجمها الجميع من كل جهة واخذ الزيباريون يولون الادبار. وسقطت عقرة في يد الامير الرواندوزي في بداية ايلول 1247للهجرة و1832ميلادي..

وبعد ان وقعت منطقة عقرة برمتها تحت سيطرة الامير محمد زحف بجيشه لاحتلال الجزيرة وبعد مناوشات واصطدامات عديدة ضيق الخناق على اسرة آزيزان وفتح الجزيرة وسار الى قلعة أرخ وفتحها بعد معارك عنيفة وانعطف نحو الموصل , وفي (هقارة)داهم الاكراد الداسنيين وقتل منهم الكثير ومن هناك سار الى القوش

وكان سكانها قد استعدوا للقتال فأوقع فيهم السيف وتعقبهم الى ان أفناهم عن بكرة ابيهم ولم يترك احدا منهم على قيد الحياة وهم من الداسنيين.....

وبعد هذه الانتصارات عاد الامير الى رواندوز حاملا معه أسلحة وأعتدة وغنائم وعددا كبيرا من الاسرى فقد

كان أسر مايقارب الالفين من الداسنيين وبينهم اكثر من خمسمائة قتاة وامأة منح كثيرات منهن لوجهاء الموصل وشخصياتها ولأمراء أربيل وكويسنجق ولايزال في تلك المدن أناس كثيرون جداتهم من الداسنيات كان الامير

الرواندوزي قد اهدهن لاجدادهم بعد عودته فتزوجهن .كما انه كان قد أرسل قبل عودته الفين اخرين من الداسنيين الى رواندوز ومعهم اميرهم علي بيك (الكبير) عندما عاد الامير كان هناك اكثر من عشرة الاف اسير

من الرجال والنساء حشدوا في رواندوز..

وعقب عودة الامير الى رواندوز ترصدت زوجة علي بيك الداسني وجمعت قوة كبيرة هاجمت بها قلعة سنجار

وكان الامير محمد قد عين بابكر اغا حاكما على القلعة وبصحبته رسيد الصوباشي وثلاثون نفرا من جنود السورانيين وكان هؤلاء مرتاحين البال لايعرفون شيئا عن تحركات الداسنيين وقيامهم فداهمهم هؤلاء واشعلوا النار من كل جانب في البيوت التي يقطنونها وصادف ان احد رجال بابكر اغا كان خارجا لقضاء الحاجة فلما رأى مايجري حتى ولى هاربا شطر رواندوز ولم ينج من السورانيين عدا هذا الشخص واحترق الجميع وهم 31شخصا بضمهم بابكر اغا ورشيد صوباشي, اما الشخص الهارب وصل الى رواندوز وسرد القصة للامير محمد فأسرع الامير بأرسال 500خيال الى سنجار وكان سيل الداسنيين قد وصل الى مقربة الموصل فلما

التقى بهم الجنود السورانيين اشتبك الطرفان في قتال عنيف أسفر عن هزيمة الداسنيين واسر منهم حوالي 700شخص ودخل جنود الامير محمدسنجار واعادوا تنظيم امورها واسرعوا بابلاغ البشرى الى الامير ..

وكان الامير محمد الرواندوزي يرى ان علي بيك هو الذي حرض الداسنيين على اثارة هذه الفتنة فأرسل في

طلبه وعندما مثل بين يديه قال له انك تعيش منذ ثلاث سنوات في رواندوز معززا مكرما ومع ذلك فما تزال

تثير الفتن ..فثار علي بيك امير الداسنيين بوجه الامير محمد قائلا له:(انني لاأتضرع اليك لملعقة من دم)وغضبالامير محمد الكبير لهذا الجواب القاسي فأمر فورا بقتل علي بيك الداسني وصلب جثته على جسر

رواندوز لمدة ثلاثة ايام ....

يقول الكاتب حسين حزني الموكرياني : حسب ماسمعت من معمري رواندوز ,فأن علي بيك الداسني كان

رجلا شهما مقداما بهي الطلعة ولم يكن يستحق الخنق والتعليق الا أن الامير الكبير طلب منه بتحريض من رجال الدين المتشددين أن يشهر اسلامه ولم يذعن علي بيك الداسني لطلب الامير محمد ,فقتل ذلك الامير الكردي الكبير الداسني بايعاز من أولئك الدينيين ,لاعلى ان زوجته أثارت الاضطربات والفتن في سنجار..

 

وفي عام 1250 للهجرة تجددت المعارك بين السورانيين والداسنيين مرة اخرى وكان ذلك كما يلي: بعد مقتل

علي بيك الداسني توسلت زوجته الى الامير محمد ان يسمح بنقل جثمان زوجها القتيل الى يزيدخان وبغية الوصول الى وئام بين السورانيين والداسنيين وافق الامير محمد على ذلك وامر بنقل الجثمان مع خمسة وعشرين فارسا الى سنجار الاان زوجة علي بيك الداسني قتلت اولئك الفرسان انتقاما لزوجها ..فاغتنم حسن الرشواني المتمرد على الامير محمد الفرصة لنيل عفو الامير فسار بجيشه للهجوم على الداسنيين وقتل منهم الكثير وأسر زوجة علي بيك الداسني وارسلها الى (كرمامك)فشنقوها على طريق جيش الامير محمد الرواندوزي وكان الامير متوجها من رواندوز الى سنجار ورأى في الطريق جثة المرأة المصلوبة ورؤس

عددمن الداسنيين فسأل الامير عمن فعل ذلك فأجابوه بانه حسن الرشواني انتقم لجنود الامير المقتولين وفي تلك الاثناء جاء الرشواني للقاء الامير محمد ومعه الفا من اسرى الداسنيين فصفح عنه الامير ومنحه رتبة ضابط في جيشه وعاد الى رواندوز.. عفى في تلك الاثناء عن سعيد بيك العقراوي وعن كثيرين من الاسرى ماعدا الداسنيين ..................انتهى

 

 

 

HOME