امريكا تعترف بكوردستان
محسن جواميرـ كاتب كوردستاني

   

في الاستقبال الرسمي الذي جرى للسيد مسعود البارزاني رئيس كوردستان وبملابسه التقليدية الكوردستانية في الولايات المتحدة الامريكية ومن طرف الرئيس الامريكي, رحب بوش به ممثلا اولا لشعب كوردستان.

 

إن العارف والمطلع على موقف السياسة الامريكية وحساسيتها في الماضي وخاصة في ذكر اسم كوردستان وبشكل رسمي والذي كان يثير إمتعاض الكورد ويضعهم دائما في موضع الشك والتردد من النية الامريكية, وخاصة لكونهم قد عانوا الامرين من سياستها ما عانوه وبالذات في السبعينات, يبدو له وكأن نضال الكورد لم يذهب هباء وبالتالي آن اوان قطف ثمرة الشجرة التي رويت بدماء مئات الآلاف من الابرياء في حلبجة والانفالات.. ناهيكم عما جرى لهم من حملات التطهير العرقي والطرد والتشريد الجماعي لشعب كوردستان إبتداء من سنجار وشيخان ومرورا بهه ولير وكركوك وخانقين وبدرة وجصان, وما حصل من جرائم للكورد الفيليين الذين تحولت ماساتهم إلى حكايات لا يعرف القاصُ من اين يبدأ بها وكيف ينتهي.!

 

انه لحري بالحكومات التي تضم دولتها جزأ شاسعا من كوردستان وتحرم الكورد حتى من التحدث بلغتهم أوأن يلبسوا ملابسهم التقليدية او ان يفتحوا مدرسة لأبناءهم باللغة الكوردية... ان تعي الحقيقة التأريخية التي تقول بان الكورد قد ظلموا وحرموا, ولا يمكن للظلم ان يدوم ولو ألقى بظلاله على الشعوب لقرون.. ولا بد ان يأتي يوم وان يعود الحق إلى نصابه والارض لاصحابها.. والاستمرار في الاضطهاد, لابد ان ينتهي لانه يخالف طبيعة الاشياء والخاصية التي غرزت قي الطبيعة البشرية.. وان ما حصل لشبح بغداد وبعد ان جعله البعض آلهة يعبد وصنما يسجد له, يجب ان يكون درسا لمن يحب ان يعيش وان يُذكر بفخر واعتزاز سواء في حياته او بعد رحيله عنها.

 

إنني هنا لا افتخر بالرئيس بوش لاعترافه  ولأول مرة بوجود شعب يعيش على أرض تسمى كوردستان, والذي يحمل في حد ذاته معنى ومغزى سياسيا كبيرا يعرفه كل من له إلمام بالمفردات السياسية, ولو كان من باب تحصيل الحاصل.. بقدر ما أعتز بنضالات شعب كوردستان والتي لم تنقطع طوال قرن من الزمان بالرغم من كل ما حصل له من نكسات وهوان وهزات وإهانات كادت توصله إلى هاوية اليأس وبالتالي يفتقد كل بصيص من نورأوامل في الخلاص..

 

أجل , إن ما جرى من إعتراف بوجود كوردستان وعلى لسان أعلى مسؤول في العالم وأمام رئيس كوردستان السيد مسعود البارزاني, وما سبقه من اعتراف بلغة الكورد عالميا من خلال التحدث بها من قبل الرئيس السيد مام جلال الطالباني أمام هيئة الامم .. لهو إشارة واضحة على ان تأريخ الشرق  في طريقه إلى بناء حديث وصرح جديد.. لانه لا يُعقل ان يكون معيار العيش المشترك بين الشعوب معتمدا على سيادة النظرية التي طالما وما زالت رائجة في سوق الاضطهاد الشرقي, والتي تقول : نحن اخوة.. مالي مالي ومالُك مالي.!

 

كم كنت أتمنى ان تحصل رياح التغيير والاعتراف بالواقع الكوردستاني نابعا من رحم حضارتنا التي هي مليئة بالحسنات والانسانيات.. وكم كنت اتمنى أن لا تقاد شعوبنا كالخرفان, حتى لا نضطر للجوء الى العصا الخارجي لتنقذنا وتنهى المتجبرين من فعل الافاعيل الشنيعة من أنفال وقصف كيمياوي وطرد جماعي للكورد في كركوك وأخواتها وللفيليين المظلومين المشتتين وللآخرين, واسكان الغير في أراضيهم ظلما وعدوانا.

 

 ولكن قدر الله وما شاء فعل.. وأول الغيث قطر ثم ينهمر.

 

mohsinjwamir@hotmail.com