إنما للصبر حدود ياأيتها القيادة الكوردستانية.!

   محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

بعد إكتشاف رفات البارزانيين

يبدو ان الاكثرية من شعب كوردستان قالت ( نعم ) للدستور.. ولكن من خلال قراءة ما كتب وسمع وصرح من طرف القيادات والقواعد ومن الجماهير بالذات.. فان هذا لا يعني توفر القناعة لديهم بصلاحيته ليكون المترجم الواقعي لما طالبوا به وناضلوا من أجله.. لكونه لم يرتق الى المستوى الذي كانوا يطمحون إليه وبالشكل الذي يضمن مستقبلهم بصمام أمان قانوني.. حتى لا تتكرر عليهم المآسي التي عاشوا في ظلها من يوم تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي, بحيث طالت الحجر والشجر والبشر.. والتي مازالت بقاياها باقية على ارض الواقع والكورد يتجرعون مرارتها وآلامها, من تشريد وطرد وتطهير عرقي وأنفالات ومجهولية إقامة الناس زرافات ووحدانا؛ خاصة لاخوتنا الفيليين..ورفات وفتات وعظام البارزانيين العائدة إلى كوردستان هذه الايام ـ ومازالت بقية 182 الف مؤنفل في الطريق ـ أصدق شاهد على حلقة من سلسلة تلكم الجرائم.

للأسف الشديد, حصلت تجاوزات على الدستور برعاية واصرار البعض من الذين ركعوا بالامس للصنم و تحولوا اليوم الى ابواق تبكي العروبة الضائعة في ارض الرافدين وأصبحوا بمثابة قنبلة موقوتة في جسد الحقوق التي طالب بها شعب كوردستان خاصة, فانفجرت في وقتها وأصابت منهم المقتل.. وبالتالي افقدت مصداقية الدستور لديهم, حتى فيما يخص بعض البنود التي تحمل بعض الخير لهم..

وقد رأينا كيف حدت تلكم المؤامرات حتى بمشرعي الدستور الخضوع لها بنفي عبارة كون الدولة (جزءا من العالم الاسلامي) إلى نهاية المادة الدستورية, وتقديم (عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها) عليها.

وكل التغييرات والتعديلات التي حصلت ـ خاصة في الاسابيع الاخيرة ـ في الدستور, جرت جبرا وفرضا ليس إلا, وكانت تمس الكورد قبل اية شريحة أخرى.. وضرب بذلك الكورد في الصميم.. لاسيما بعد ان بلغ الامر حداً ان اصبحت المطالبة بالضمانات( كبعض القول يذهب في الرياح ).. في حين تحولت صراخات ونداءات صالح مطلك وعدنان الدليمي ومن وراء الكواليس وتحت واجهات معينة إلى آيات نزلت على الدستور ونسخت بعض بنوده.!

عندما كنت أشاهد هذه الكوكبة من رفات الكورد البارزانيين, خُيّل إليّ وكأن الكورد وبعد تلكم المذابح التي تعرضوا لها وحملات الانفال والتطهير العرقي التي قصفت بهم وبذريتهم, هم الجلاد وليس غيرهم.. وطالما هذا حالهم , فما عليهم إلا التنازل, حتى لو وصل بهم الامر ان ينسلخوا في الاشهر القادمة من المفاوضات, من الجلد الكوردستاني تماما, نزولا عند رغبة المثلث السني, والدخول طائعا في فخ ( جزء من الامة العربية ) نزولا على حكم امير الامراء عمرو موسى وأقرانه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .!

أظن أنّ على القيادة الكوردية وجميع الاحزاب والاطياف الكوردستانية التي شجعت وحمست جماهيرها ومؤيديها بالتصويت ب ( نعم ) أن تعيد حساباتها بخصوص ما جرى من تجريح للدستور ( لا الجرح ) والتهشيم ( لا التعديل ) في الجولة الأخيرة من التنازلات المبررة أو غير المبررة, طالما هنالك فسحة قانونية في الدستور( للأخذ ) لا ( للعطاء ) لأن الكورد أعطوا الكثير.. والمطالبة باعادة النظر تحت سقف الاصرار وبدعم شعبي, لا الانصياع لأطروحات الاطراف البالية التي اثبتت فشلها في إدارة قرية, ناهيكم عن دولة إتحادية ..

فلَم يصَوِّت الكورد في الظرف الراهن إلا عن كره, وخشية بروز أسوأ الاحتمالات والبدائل.. ولا يعتقد أن المشوار قد انتهى بعد لديهم.. ولعل القيادة الكوردية تكون كذلك امام تساؤلات واستفسارات من طرف شعبها, خاصة وهو يرى ان المجرمين يُدَلّلون ويُربت على أكتافهم طمعا في جرهم لبناء دولة هم خربوها وجعلوها من أطلال القرون الوسطى.. ولم يقف الامر عند هذا الحد, بل بدأوا يفرضون شروطهم.!

وإنما للصبر حدود يا أيتها القيادة الكوردستانية.!

mohsinjwamir@hotmail.com