يا غريب كن اديب
جلال الجباري

 

 

 لا ادري الى متى والى اي حد سيستمر استغلال طيبة وتسامح الكورد, والى متى  يقابل احساننا بالاساءة والجحود, ففي اواسط الثلاثينيات حينما شاءت الاقدار ان تنقل عشيرة العبيد ومن ثم عشيرة الجبور الى منطقة الملحة( الحويجة ) الآن,وتتحول من عشائر بدوية تمتهن الارتحال وجمع الملح والسعي وراء الكلأ الى حياة الاستقرار والزراعة , لم تلاقي من العشائر الكورد ية المجاورة اية مضايقات و بل تلقت منها كل الحماية والعون وهذا باعتراف شيوخها ورؤساء عشائرها, وكانت كل سهول كركوك وكرميان مفتوحة وآمنة لهم ومواشيهم في مواسم الجفاف والقحط .

وكما يقول المثل ( اتق شر من احسنت اليه), كان اول رد للجميل  لشعب كردستان من هؤلاء الضيوف ان قاموا بحرق ونهب نفس القرى التى وفرت لهم الكلأ والمأوى عام 1963, والحق يقال بأن جحوش( علي الدحام العبيدي ومطشر حسين العاصي) لم يتركوا حتى الصفائح الفارغة في قرى شوان وجباري وزنكنة الا واصطحبوه معهم راجعين من غزواتهم للقرى الكردية المهجورة مرددين شعارهم العنصري المقيت( احنا العرب أهل الغيرة ما نخلي الكراد بالديرة).....

ومع استيلاء البعث على السلطة للمرة الثانية 1968 اضحى ابناء  الحويجة من اقرب مقربي النظام, وبعد الاستيلاء على الاف الدونمات من الاراضي الزراعية  التابعةللمرحوم( ا لسيد حسين خانقاه) من قبل نظام البعث وتشريده هو وعائلته, تم اهداء تلكم الاراضي الى شيخ العبيد( مزهر العاصي ), فزحف هو وافراد عشيرته باتجاه كركوك ونقل قريته من المشروع القديم الى ناحية الرياض.

اما عشيرة الجبور فقد استغلت بدورها اوضاع 1963 والحرب الشعواء التي شنته النظام البعثي  فقامت باخراج الكورد من القرى القريبة من الحويجة( قرى الرسولية والبرغلية) ودفع سكانها بالهجرة صوب الزاب وسهل اربيل.

وقد كافأ البعث العشيرتين بعد عام 1968 بانشاء اضخم مشروع اروائي في الشرق الاوسط وسماه( مشروع ري صدام) وغير مسار النهر الرئيسي(الذي كان مصممأ اصلا ان يروي اراضي منطقة  كرميان وسهل كركوك وصولا الى طوز وكفري ضمن مشروع ري كركوك القديم) اضافة الى جزء ضئيل من منطقة الحويجة . وقد خصص النضام لهذا المشروع التعريبي الخطير مئات الملايين من الدولارات وصممت ونفذت وفق احدث التصاميم العالمية( نظام كاليفورنيا)وتم تسليمها لفلاحي العشيرتين وبمعدل 52 دونم من الارض المستوية والمستصلحة مع توفير حصة مائية بمقدار 72 لتر  في الثانية للفلاح الواحد( اي مايعادل متوسط الحصة المائية لقريتين في اي منطقة من كردستان).

وخلال بضعة سنين اصبح هؤلاء من اغنى فلاحي العراق وتحولت مناطقهم  من مساحات ديمية الى اراضي زراعية غناء وبات شغلهم الشاغل شراء البيوت والعقارات في كركوك والذي كان محرمأ على  الكوردي  مجرد ترميم بيته الآيل للسقوط.

واليوم وبعد رحيل النظام الصدامي العنصري من ارض العراق نجد هؤلاء وبدلأ من مد  يد الاخوة والعرفان بالجميل لشعب كوردستان ,وبدلأ من الاعتذار عن كل ما اقترفوه بحق اصحاب الارض ,جعلوا قراهم وبيوتهم اوكارأ لبقايا النظام السابق وباتوا يهددون الكورد ويطردونهم من الحويجة واطرافهاويقتلون الكورد على الهوية.....

ونحن ككورد لدينا من الوسائل التي من شأنها ان تجعلهم يندموا اشد الندم  على ما اقترفوه وما يزالوا , ولكن الحرص على حقن الدماء وعدم تأزيم الاوضاع يجعلنا ولحد الأن نعتبرهم (العرب الأصلاء ) في كركوك, آملين من عقلاءهم وشيوخهم ان يبصروهم ويذكروهم بالماضي القريب وبأفضال الكورد عليهم ,,,,, وصدق من قال( يا غريب كن اديب).

 

 

 

HOME