,الجبهة دفاعاً عن حقوق التركمان أم حصان طروادة للدولة التركية التركمانية ـ دفاعاً عن حقوق التركمان أم حصالجبهة التركمانية ـ

جلال الجباري

 

الجزء الأول

 

أنشأت الجبهة التركمانية المدعومة من المخابرات التركية, جمعية متسترة خلف يافطة براقة باسم (الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق التركمان)، والتي عبرت مؤخراً عن كامل اهدافها ودوافعها اللئيمة عبر التصريح المنشور على احدى صفحات الانترنيت في معرض ردها على بيان نشرته ( جمعية اصدقاء كركوك في السويد).

ان الذي يطالع تصريح الجمعية التركمانية المذكورة يجده خالياً من اية محتويات موضوعية اضافة الى افتقاره لأبسط مقومات الخطاب السياسي المتزن وهو في مجمله لا يعدو كونه سرداً رخيصاً لأكاذيب واتهامات تعودنا نحن الكورد على سماعها منذ ايام البعث المباد, وهي في الحقيقة ليست الا تكراراً فجاً وصدىً مألوفاً لبعض الاصوات النشاز والتي تصاعدت وتيرتها مؤخراً مع شموخ هامة الكورد ومعهم كل العراقيين المخلصين لبلدهم, وبالأخص بعد تحرير العراق من أعتى ديكتاتوريات العصر, ومع التوجه الحثيث لبناء العراق الفيدرالي التعددي الجديد والذي لعب ولم يزل يلعب الكورد فيه الدور الريادي والفاعل تحريراً وبناءاً وترسيخاً لميادىء الديموقراطية, في بلد رزح عقوداً طويلة تحت ظل نظام استبدادي تعسفي, وفي منطقة اضحت مصدرا للارهاب والفكر السلفي الوهابي القرووسطوي المتخلف.

وللحقيقة اقول ان التصريح المذكور قد حوى على اغلب الاتهامات الزائفة بحق الشعب الكوردي وقياداته, عدا خلوّه من اتهام جاهز آخر, وهو علاقة الكورد باسرائيل, ولا ادري كيف ولماذا نسي اصحاب التصريح هذا الاتهام الساذج ايضا. فهؤلاء وامثالهم ليسوا في واقع الامر الا البقية الباقية من النظام السابق, ومن المتضررين والمتباكين على أمجادهم الزائلة ومكتسباتهم اللامشروعة، فنظام صدام رغم كونه نظاما ديكتاتوريا فرديا مستبدا, الا ان ممارساته واعماله كان في خدمة الكثيرين وعلى رأسهم منتسبي (الجبهة التركمانية). ولأن ممارسات التعريب وتغيير الواقع القومي  لمحافظة كركوك كانت وبشكل غير مباشر منسجمة ومتناغمة مع توجهاتهم واحلامهم المريضة.

نعم ايها الاعزاء... فان هؤلاء الذين يزعمون اليوم الدفاع عن حقوق الانسان كانوا يرقصون طربا حينما كان الالاف من الكورد رجالا ونساءً واطفالا يساقون الى معسكرات الموت في عمليات الانفال,والتي طالت اكثر من خمسمائة قرية وقصبة في محافظة كركوك لوحدها ,ناهيك عن تشريد اكثر من مائة وخمسين الفا من ديارهم.... فمادام الغرض من اعمال صدام الاجرامية تلك يصب باتجاه احلام  ومرامي هؤلاء, وهي في النتيجة تهدف الى افراغ المحافظة من سكانها الكورد, فلا بأس بنظرهم من مباركة ذلك بالامس القريب والوقوف حجر عثرة في طريق تصحيح تلكم الاوضاع اليوم.

المنظمة المذكورة تصرح ( ان معظم العمليات الارهابية في العراق وخاصة في مدينة كركوك هي من عمل الاحزاب الكوردية)!!؟؟..... اسمعوا ايها العراقيون المكتوون بنار الارهاب هذا الاكتشاف المذهل, بان العمليات الارهابية الحاصلة ضدكم الآن هي من تدبير الاحزاب الكوردية..!!! أي ان عمليات الذبح والتفجير والترويع ,وتدمير البنى التحتية في مختلف انحاء العراق( الفلوجة وتلعفر والرملدي وبغداد ومناطق اخرى من العراق) هي من فعل الاكراد..!!

لا ادري باية عقلية ساذجة يحاول هؤلاء الموتورون  ان يخدعوا الشعب العراقي الذي يعرف جيدا من يقف وراء هذه الجرائم, ومن يمول منفذيها من الارهابيين المحليين والوافدين, ومن يباركها من الذين ولاءهم لغير العراق... كما يعلم الشعب العراقي جيدا من هم المدافعون الحقيقيون عن  المصالح العليا للعراق الجديد. والتساؤل الكبير هنا هو كيف كان سيؤول اليه وضع العراق فيما يخص عملية تحرير العراقيين من قبضة صدام وبعثه وانجاز مهمات مرحلة ما بعد اسقاط النظام وبناء البديل الديموقراطي لولا التضحيات والجهود من قبل الكورد الى جانب اخوانهم من العراقيين  وانصارهم في قوات التحالف. فان محاولة التشكيك بدور الكورد المشرف والمشهود في تأسيس العراق الجديد ما هو الا تنفيسا عن حقدأ موروثأ ومنقولأ من خارج الحدود ,هدفه ليس الكورد فقط بل  مجمل العملية الديموقراطية الجارية في العراق. وما احداث تلعفر  وكذلك التحالف غير المقدس بين ازلام النظام البائد وازلام الجيران الطامع في كركوك وغيره من مناطق العراق الا دليلا واضحا على وحدة الهدف والمصير بين اعداء العراق الجديد في الداخل والخارج.

ان قوات الشرطة العراقية والحرس الوطني الباسلة تناضل في كل العراق وتدفع يوميا دمائها الغالية رخيصة في سبيل تأمين أمن الوطن وسلامة المواطنين وهي تستحق بجدارة تقدير وامتنان  الشعب العراقي ... وعليه فأن من الظلم والعدوان ان نجد اناسا يتهمونهم باعمال النهب والاختطاف, تسترا على المجرمين الحقيقيين وبالاخص في مدينة كركوك, فان اهالي كركوك من الكورد والتركمان والعرب يتلمسون تماما الدور الفعال والمؤثر لهذه القوات العراقية في الحفاظ على حياة وممتلكات مواطني المدينة, والكل يدرك مدى الهدوء والاستقرار السائدين في كركوك, التي تعتبر بحق الى جانب بقية مدن كوردستان الاكثر استقرارا في العراق.. وحتى ان بعض العمليات الارهابية التي قد تقع هنا وهناك, فهي غالبا ما تحصل في كركوك الغربية والجنوبية. وقد استطاعت قوات الشرطة والحرس الوطني القبض على العديد من الشبكات الارهابية التي كانت تقوم باعمال الخطف والقتل والتي اتخذت  لها من الاحياء السكنية ( القادسية، 7 نيسان، الواسطي اضافة الى ناحية الرياض) أوكارا آمنة لتنفيذ العمليات الاجرامية.

وللتاريخ نقول باننا كاكراد وتركمان في كركوك ليس بيننا مشاكل وخلافات كمواطنين في بلد واحد هو العراق ,بل على العكس تماما هنالك علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تمتد لعشرات بل لمئات السنين ولكن الذي حصل وما يحصل الآن ,هو ان عناصر مندسة ومدفوعة من خارج حدود العراق تمويلا وتدريبا وتوجيها ,غايتها زرع بذور الفرقة والشقاق في صفوف ابناء البلد الواحد, وفي هذه الظروف الحرجة التي يمر بها بلدنا العراق, وهو يرمم ما خربته سلطة البعث المقبور .. ليكن المنطلق الاساس في السلوك السياسي لمختلف قوميات الشعب العراقي واتجاهاته السياسية هو الولاء للعراق وتغليب المصالح العليا للشعب العراقي على المصالح الخاصة اوالتي تنسجم مع اطماع المتربصين بالعراق الجديد.

 

جلال الجباري

4 / ديسمبر / 2004ا

 

HOME