نزار حيدر لجريدة ــ راية الحرية ــ الصادرة في السليمانية ؛

 

الكرد حسموا أمرهم مع وحدة العراق عندما اختاروا الفيدرالية

عرقلة الأنظمة العربية ودول الجوار لاقامة النظام الفيدرالي

يعني تمزيق العراق وتفتيت وحدته ، وهذا لا يصب في مصلحتهم

المحاصصة ضد الديمقراطية والمساواة والشراكة الحقيقية ، لأنها تحرم الكردي ، مثلا ، من حق تسنم رئاسة الدولة العراقية

لا يختلف موقع المواطن الكردي في العراق الجديد عن أي مواطن آخر ، فكل العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات ، وهم كلهم من الدرجة الاولى ، لا يميز بينهم إلا على أساس الكفاءة والتجربة والأمانة

أعتقد أن خيار الفيدرالية الذي يخص العراقيين فقط دون سواهم ، أمر محسوم لا تراجع عنه أبدا ، وليس من حق أحد غيرهم أن يعطوا رأيهم فيه ، فهو شأن عراقي داخلي لا نسمح لأحد بالتدخل

فيه ، كما لا يسمحوا هم لأحد بالتدخل في شؤونهم الداخلية

إن الفيدرالية خيار وحدة وليس خيار إنفصال ، ولذلك وقع إختيار العراقيين عليه ليأمنوا شرور الانفصال

أجرت جريدة ــ راية الحرية ــ التي تصدر في محافظة السليمانية في

كردستان العراق ، حوارا صحفيا مع نزار حيدر، حول موضوع الفيدرالية وحركة الاستفتاء العام في كردستان ، بالاضافة الى التجربة التي مرت بها كردستان العراق خلال العقد الماضي ، وكيفية الاستفادة منها في عملية بناء العراق الجديد

أدناه نص الحوار ؛

السؤال الأول ؛

هل يحق للمواطن الكردي أن يقرر مصيره ؟ كأن ينفصل عن العراق مثلا ، أو يقيم دولته المستقلة ؟.

جواب السؤال الأول ؛

 

لقد ضمنت كل الشرائع السماوية واللوائح الأرضية ، حق تقرير المصير للانسان ، كإنسان ، بغض النظرعن لونه أو جنسه أو قوميته أو دينه أو أي شئ آخر ، لأن الانسان بقيمته ، كبشر، يحق له أن يقرر مصيره كيف يشاء ، لا زال يفكر بعقل سليم وطريقة صحيحة، وفي إطار حقوقه ، من دون أن يتجاوز على حقوق الآخر.

ولا يشذ شعبنا الكردي في العراق عن هذه القاعدة الأساسية الثابتة أبدا ، ولذلك عندما اختار الفيدرالية كطريقة للعيش مع بقية الشعب العراقي ، فإنما قرر مصيره بنفسه من دون أن يتجاوز على حقوق الآخرين الذين قبلوا بهذا الاختيار كونه وسيلة إنسانية وقانونية لضمان وحدة العراق أرضا وشعبا ، وبذلك يكون هذا الشعب قد مارس حقه ضمن قاعدة حق تقرير المصير .

وبهذا الخيار ، وضع العراقيون حدا للتمييز الذي تعرضوا له طوال عقود من الزمن ، فلم يعد العراقيون مقسمين الى درجات ، لا على أساس قومي ولا على أي أساس آخر ، ولذلك فعندما يشعر المواطن الكردي بأن حقوقه محفوظة ، وأن بإمكانه أن يتسنم أي منصب في الدولة على أساس الكفاءة والخبرة والأمانة ، فإنه لا يفكر أبدا بالانفصال أو التمرد أو ما أشبه .

وأنا بهذه المناسبة ، أهنئ شعبنا الكردي والاستاذ الدكتور فؤاد معصوم وكل العراقيين ، على الثقة التي منحها المجلس الوطني إليه ، بإنتخابه رئيسا للبرلمان المؤقت ، وهو الشخصية الوطنية المناضلة الذي عرفته عن قرب ، رجلا مثقفا وحريصا على مصالح شعبه ووفيا لمبادئه ، ذا رجاحة في العقل وسعة في الصدر .

السؤال الثاني ؛

ما هو رأيكم بشأن حملات الاستفتاء التي تشهدها بعض مناطق كردستان العراق حول موضوع الانفصال أو إقامة الدولة الكردية المستقلة ؟.

جواب السؤال الثاني ؛

إن مبدأ الاستفتاء لأخذ رأي الناس في القضايا الاستراتيجية المصيرية أمر مهم جدا ، فبه نضع حدا لهيمنة النخب على الشأن العام ، من جانب ، وبه نشرك الناس في تقرير مصيرهم وبالتالي نصنع به رأيا عاما ، من جانب آخر، شريطة أن يكون الاستفتاء حرا نابعا من مؤسسات المجتمع المدني ، لا يخضع للتلاعب أو التزوير أو التهديد والارهاب ، لتأتي نتائجه صحيحة الى درجة كبيرة .

أما بالنسبة الى موضوع حركة الاستفتاء في كردستان العراق ، فأعتقد أن شعبنا الكردي قد حسم أمره عندما قرر برلمانه وأحزابه الوطنية وقياداته وزعاماته السياسية ، إختيار الفيدرالية ، والذي توج هذا الخيار وكرس بالتوقيع على قانون إدارة الدولة العراقية ، ومن ثم عندما ورد ت الصيغة في القرار الدولي الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي في حزيران الماضي .

لقد حسم الكرد أمرهم مع وحدة العراق ، عندما اختاروا الفيدرالية .

السؤال الثالث ؛

ما هو موقع الكرد في العراق الجديد ؟.

جواب السؤال الثالث ؛

لا يختلف موقع المواطن الكردي في العراق الجديد عن أي مواطن آخر ، فكل العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات ، وهم كلهم من الدرجة الاولى ، لا يميز بينهم إلا على أساس الكفاءة والتجربة والأمانة ، وأن كل العراقيين متساوون أمام القانون ، وأن للمواطن الكردي ، كما لغيره ، الحق في أن يتسنم أي موقع في الدولة يرى نفسه كفوءا لتقلد مهامه ومسؤولياته ، وأن صندوق الاقتراع وحده ، هوالذي سيفرز إرادة العراقيين في الانتخاب والاختيار ، ولذلك فأنا شخصيا عارضت كل الفقرات التي نصت على المحاصصة في قانون إدارة الدولة المؤقت ، لأنها ، في الحقيقة ، حرمت المواطن الكردي ، على وجه التحديد ، من حق تبوء مركز رئاسة الدولة أو رئاسة مجلس الوزراء ، وهذا الأمر يتناقض ومبادئ الديمقراطية والمساواة والشراكة الحقيقية بين أبناء البلد الواحد .

أتمنى أن تلغى مثل هذه الفقرات من نصوص الدستور الدائم ، حتى لا يغبن مواطن ، ولا يميز أحد على أساس قوميته أو مذهبه ، ولا يحرم من أي حق من حقوقه الانسانية الأساسية .

السؤال الرابع ؛

يقول البعض أن مطلب الكرد في الاتحاد الفيدرالي ، غير شرعي ، فما هو رأيكم بذلك ؟ خاصة وأن بعض أنظمة الجوار والأنظمة العربية ، ترفض ذلك ؟.

جواب السؤال الرابع ؛

أعتقد أن خيار الفيدرالية الذي يخص العراقيين فقط دون سواهم ، أمر محسوم لا تراجع عنه أبدا ، وليس من حق أحد غيرهم أن يعطوا رأيهم فيه ، فهو شأن عراقي داخلي لا نسمح لأحد بالتدخل

فيه ، كما لا يسمحوا هم لأحد بالتدخل في شؤونهم الداخلية .

نتمنى على دول الجوار والانظمة العربية على وجه التحديد ، أن تتفهم خصوصيات العراق ، وأن تتفهم فلسفة خيار الفيدرالية التي تعني إنهاء سلطة المركز وتقسيم القدرة والسلطة على كل محافظات العراق الثمانية عشر ، لوضع حد لنمو السلطات المركزية الشمولية ، متمنين عليها أن

لا تدس أنفها في شؤون جارتها العراق ، لتأمن شرور تدخل الآخرين بشؤونها الداخلية .

إن الفيدرالية خيار وحدة وليس خيار إنفصال ، ولذلك وقع إختيار العراقيين عليه ليأمنوا شرور الانفصال والتمزق ، ولهذا نتمنى على الاخرين ان يتفهموا هذا الخيار ويقبلوا به ، ليساعدوا العراقيين على تحقيق أهدافهم في وحدتهم أرضا وشعبا ، وفي بناء نظامهم الديمقراطي التعددي الجديد .

وبصراحة أقول ، فإن عرقلتهم لاقامة النظام الفيدرالي في العراق الجديد ، يعني تشجيعهم على تمزيق العراق وتفتيت وحدته ، ولا أعتقد أن ذلك سيصب في مصلحتهم ، كما لا يساهم في إقرار الأمن والاستقرار الاقليمي ، فضلا عن الدولي .

إن الفيدرالية هي خيار العراقيين ، بغض النظر عن نوع هذه الفيدرالية ، ولقد إحترم المجتمع الدولي هذا الخيار وبقي على دول الجوار والانظمة العربية أن تبادر للاعلان عن قبولها واحترامها لهذا الخيار ، من دون أن تتخوف منه .

السؤال الخامس ؛

كما تعرفون ، فإن للكرد تجربة خاصة ، هل يمكن الاستفادة من هذه التجربة لعموم العراق الجديد ؟.

جواب السؤال الخامس ؛

لا شك أن شعبنا الكردي في العراق عاش تجربة غنية وثرة ، بالامكان الاستفادة منها في بقية مناطق العراق ، طبعا ، بعد تشذيبها من بعض الانتكاسات التي شهدتها هذه التجربة ، خاصة في فترات الاقتتال الكردي ــ الكردي المؤسف .

إن الشعوب الناجحة هي تلك التي تستفيد من تجارب الآخرين ، فما بالك بتجاربها الذاتية ؟.

لقد مر العراقيون بتجارب ذاتية غنية ، منها تجربتهم في كردستان طوال أكثر من عقد من الزمن ، ولذك ، ما أحراهم في أن يستفيدوا من هذه التجارب وهم يبنون العراق الجديد ؟ .

وبهذا الصدد أعتقد أن من المهم أن تنظم السلطات المحلية في محافظات كردستان ، زيارات منظمة لابناء بقية المحافظات الوسطى والجنوبية للاطلاع على معالم التجربة ، طبعا بحلوها ومرها ، وبنجاحاتها وإخفاقاتها ، ليكرروا ويطوروا النجاحات ، وليتجنبوا الاخفاقات ، فليس عيبا أن يفشل المرء في تجربة أو جزء منها ، إنما العيب كل العيب ، إذا كابر فاعتبر الفشل نجاح ، فأصر عليه من دون أن يسعى لتصحيحه .

السؤال السادس ؛

هل هناك إحتمال تفتت وحدة العراق أرضا وشعبا ؟.

جواب السؤال السادس ؛

العراقيون شعب واحد بقوميات متعددة ، ولذلك لا أخاف عليهم من التمزق ، لا زالوا يفكرون بحرص في وحدة العراق ، أرضا وشعبا ، فهم عندما اختاروا الفيدرالية ، انما اختاروا الوحدة وليس الفرقة ، والتماسك وليس التمزق والتشتت ، بالرغم من كل التحديات الكبيرة التي تدفع وتشجع على التقسيم والتمزق .

وإنني إذ أشكركم لاتاحة هذه الفرصة لي لأطل من خلالها على إخوتي وأخواتي الكرد ، أتمنى لكم النجاح والسداد ، ولكل العراقيين ، الحرية والكرامة والسلام ، في إطار نظام مستقل تعددي يحترم الانسان ويسعى لخدمته .

وشكرا