برامج أنتخابيه لقصور في الهواء و على ميزانية مفتوحه!!!

هشام عقراوي

 

وبدات الاحزاب العراقية بالاعلان عن برامجها الانتخابية حول العراق  ومستقبلة. المميز في هذه البرامج و الصفة المشتركة في كلها و اقول كلها و دون تمميز هو الاستناد على الاقوال و رص الكلمات وتجميل برامجها لغرض كسب تأييد الناخبين العراقيين فقط و لم يفكر حزب واحد بالميزانية المطلوبة لتنفيذ و تحقيق هكذا برنامج ، وكأن ميزانية العالم كلها ستكون تحت تصرف هذه الاحزاب و تحقق أحلام العراقيين بين ليلة و ضحاها.

التعميم في التحليلات السياسية هي من احدى صفات المحلل الغير واقعي و الذي لا يميز بين الاختلافات الجزئية بين الاحزاب و التنظيمات السياسية، ولكني و بدون تردد أستطيع أن أعمم هذا الخطأ ليشمل جميع الاحزاب التي تتنافس على المقاعد البرلمانية.

الميزاينة و الاموال المطلوبة لتحقيق برنامج ما، هي من أصعب النقاط التي تقيد الاحزاب و تمنعها من أدخال نقاط محدده في برامجها الانتخابية. فما اسهل كتابة برنامج يلبي طلبات المواطنين ولكن كيف سيحقق الحزب هذا البرنامج؟؟ أن اي حزب سياسي يجب أن يثبت أمكانية تحقيق هذا البرنامج عمليا قبل طرحة على الشعب و أعلانه الى الجماهير.

 البرامج الغير مستندة على معادلة أقتصادية صحيحة لا يمكن أن نسميه برنامجا أنتخابيا محاصرا. لقد ولى زمن خدع الجماهير في المجتمعات الراقية.

 الان و بعملية بسيطة و من خلال بعض المنقشات السطحية يمكنك أثبات عدم واقعية أي برنامج أنتخابي عراقي، لأنها و بكل بساطة لم تستند على ميزانية محددة، لا بل أن جميع الاحزاب لا تعرف ميزانية العراق و لم يطلب أي حزب من هذه الاحزاب حتى تخمينا للميزانية للسنة أو الخمس سنوات القادمة.

هذا يعني بأن كل ما ورد في برامج الاحزاب العراقية هي ليست ألا بأقاويل خيالية لا ترتبط بالواقع العراقي المعاش فيه و الموجود وهي كالذي يبني قصرا في الهواء و يوزع طوابقه على أفراد الشعب العراقي.

الاحزاب السياسية في جميع البلدان الديمقراطية، تركز اولا على الميزانية و الراس المال الذي ستستند عليها في تحقيق برامجها. و لهذا نراها تعطي ارقاما دقيقة للضرائب و الواردات و تدخل في مناقشات لا نهاية لها حول كيفية العمل على رفع الميزانية و الحصول على الاموال المطلوبة. أحدى أهم نقاط الحملات الانتخابية هي الطعن بمصداقية هذه الميزانية.

بصراحة لا أدري أن كانت أحزابنا فتية و لا تعرف أسس الحملات الانتخابية وووضع البرامج او أنها تشكك في قدرات الشعب العراقي على التقييم.

لو وضعنا برامج الاحزاب العراقية  بصورة مفردة أو التي أتفقت على قوائم ، أمام اي حزب أوربي لضحك عليها و أستهزأ بها. لأنها  تريد الدخول في الانتخابات على الطريقة المصرية المشهورة، و التي تتضمن بحل جميع المشاكل و خلق جنة للناخبين وأعطاء و عود لا نهاية لها.

الانتخابات و البرامج الانتخابية بقدر ماهي سياسة و أدراة فأنها عملية حسابية دقيقة. يجب أن تتوازن فيها الكثير من العوامل. فالاحزاب الاوربية مثلا تتحدث عن أجزاء من العشر من الضرائب. لأن أي خلل حسابي بسيط سيكلفها برنامجها الانتخابي و الفشل. لو كانت الاحزاب العراقية في أوربا لوعدت الجماهير و الشعب على أنهاء الضرائب و رفع كل الاجور و أنهاء البطالة بجرة قلم. و لنست أن البطالة هي من احدى افرازات المجتمع الرأسمالي  و النظم الاقتصادية و ليس بامكان اي دولة راسمالية أن تنهي البطالة.

فمثلا كل القوائم توعد العرقيين بالعيش الرغيد  و التعليم المجاني و العمل و الضمان الاجتماعي و والعلاج المجاني و ووووو الى أخر القائمة ولم يبقى ألا أن يقولوا للناس قولوا ما تريدون فسنلبي كل طلباتكم وبمجرد وصولنا الى السلطه فانكم ستعيشون في جنة حقيقية.

طبعا هذه كلها اشياء جميلة ولكن، باي ميزانية سينفذونها. فالعراق المدمر من كل النواحي لا يمكنه أن يلبي كل الطلبات و ليست هناك الاموال الكافية لتفيذ كل هذه الاقاويل.

الاختلاف الوحيد بين الاحزاب العراقية لحد الان هو الرؤية السياسية للعراق المستقلي. فمنها ما تؤمن بالعراق الديمقراطي و منها تريد الفدرالية (الوهمية) و منها الاسلام و منها لافرق بين عربي و اعجمي و أخرى تختلف على كركوك وأخرى على تواجد القواعد و الجيش الامريكي  الخ ..الخ .. الخ.  وهذه الاختلافات كلها لا علاقة مباشرة لها بالميزانية و الاموال بل لديها علاقه بالهيكل السياسي للحكومة و العراق القادم. أي أن الميزانية  المطلوبة لتنفيذ برامج جميع الاحزاب العراقية هي تقريبا نفسها.  ولهذا نرى كل الاحزاب و الاطراف ساكتة عن هذه النقطه ولم تصبح نقطة خلاف. لأن كل الاحزاب العراقية لا تستطيع فك هذه اللغز و حل هذه المعادلة الغير متكافئة الطرفين.

ليس هناك بأسهل مما تقوم به الاحزاب العراقية حول الانتخابات و الحملات الانتخابية لانه كما يقول المثل العراقي ليس الا بحبر على ورق و رقص على ذقون العراقيين الفقراء.  لو كانت هذه الاحزاب صادقة مع جماهيرها فالتقل كيف و باية طريقة و باية ميزانية ستحقق هذه البرامج. لأن رص الكلمات بسيط و لكن تعريفها هو الصعب و الاساسي.

 

 

 

HOME