وان عدتم عدنا

ابراهيم ملازادة

Malazada86@hotmail.com

كركوك، مرة ثانية.

قليلون جدا الذين يترفعون علی الاهواء والانانية.

الانصاف، تلك الصفة النبيلة التی لا تبلغها الا من تجاهل اهواءه ومصالحه الخاصة، وان يحب للاخر كما يحب لنفسه. لقد بحثت عن المنصفين من بين انقاض الحضارات، والذين كان لهم شان فی العدالة المجردة، الا اننی رايت الذين يعيشون خارج التاريخ والمدعين انهم كانوا خير امة اخرجت للناس، اصبحوا فی ذيل الحضارة وهم يريدون ان يبلغوا مجدا جديدا ولكن بنفس الاساليب التی بلغوها، اتدرون كيف؟ علی اشلاء حقوق الاخرين. فليعلم الاخ سمير عطالله، وكل اللامنصفين: ان الكورد اصحاب قضية عادلة، ومظلوميتهم بلغت عنان السماء. وان من يريد ان يحجب النور عن النور، فليعرف انه يقف فی بقعة مظلمة، لا يری الكمال الا بالتشبث بحقوق الاخرين.

ان الكورد اليوم غير كورد الامس. العرب الشرفاء فهموا القضية، فهم مع الكورد وعدالة قضيتهم، والكورد مصممون علی ان تنحت لكل منصف يقف علی ارض الانصاف هيكلا شامخا علی كل سلسلة جبلية شاهقة، لكی يعرفوا ان الكورد سبقوا غيرهم فی الاخلاص والكرم. ليست مهما ان يفوز الكورد بمدينة ملكوها منذ  القدم، بل المهم ان يصنع الكورد هذه المرة تاريخهم، وان يبدا الحضارة من كوردستان، وان يرجع الكوردی مجده بدمه وباسترجاع حقه الضائع، لان الحضارة لا تبنی علی اشلاء البشر ولا بهضم حقوق الاخرين. اعلموا لقد دارة الدائرة هذه المرة لصالح الكورد، وليست من شيمتهم الانتقام، ولا الانتقاص، ولا التجبر. فما عند الكورد من ذخيرة النضال من اجل االانصاف والعدالة والكرامة الانسانية رغم الهفوات والكبوات يكفی الجميع، واقصد بالجميع كل من لديه انصاف ويماشی الزمن ويفهم اللعبة ويعرف حدوده.

جبل حمرين هو المفصل. ولكن من اجل ان نتعارف، وان نتكاتف وان يعرف الجميع ما له وما عليه، فذلك سنة الحضارات وخلق الاولين والاخرين. وبعكسه تبقی جبل حمرين شامخا تنطق بالكوردية، وتحتضن كركوك من اجل ان تنور كوردستان، ومن اجل ان تنصف جميع من يعيش تحت نورها. لا يظلمون ولا يظلمون.

ان الكورد هذه المرة عائدون، ببساطتهم ولكن بعدالة قضيتهم. عدالة تسحق الظلم والظالمين، وتنصف الانصار والمنصفين. عودة ينهی دجلا طال ليله، وينهی مسيرة الانفال والتعريب والتتريك والتدمير وتبدا مسيرة البناء والتكاتف والتنوير.

وليعلم الذين رفعوا راية نفط العرب للعرب، ان النفط لا يخدم طالما ان العقل خراب. واصحاب راية "ان العراق جزء لا يتجزا من الامة العربية" ان الامة لا تستطيع ان تنهض علی اشلاء حقوق الاخرين، وعلی انكار حصتهم من انسانيتهم وخصوصياتهم. وللذين يظنون انهم سعداء طالما هم اتراك، وفق المبدا الصنمي الاتاتوركی العنصری " ان كنت تركيا فانت سعيد"  فانهم سعدوا علی انكار الاخرين، ومسخ هويتهم، ومحاولتهم المستميتة علی ان لا يقوم لهم قائمة. واذنابهم الذين يفكرون كما خطط لهم اسيادهم، فانهم لفي جهل وخطا عظيم ان لم يكفوا عن عنصريتهم، وان لم يستعدوا للعمل الجماعی ولبناء مستقبل اطفالنا وللاعتراف بانهم فعلا يعيشون في كوردستان، وهم ابناء كوردستان. وكوردستان جميلة بهم، وبغيرهم من الاجناس والاديان المختلفة كما كانت كوردستان مهد الديانات والقوميات المتآخية. وان كنتم لا ترضون بكوردستان اسما لوطن، فيجب ان لا تنسوا بان اكثر من 20 مليون كوردی يعيشون في تركيا وعلی ارضهم وهم ليسوا اتراك، فمتی غير الاتراك اسم بلد ليست لهم وحدهم فحينئذ لكل حادث حديث.

وبقی ان اقول:

بحثت عن حقی، عن كركوك وعن آمد، ومهاباد، وقامشلو....

بین النجوم وبین ذرات التراب المتناثرة

فجوبهت، بصرخة مدوية: یا ابن الجبل

اخرج عن صمتك فان الحقوق لا تعطی. فالطريق الی الوصول شاق ولكن الوصول فی متناول الامال. فمن یملك عزيمة فانه يملك نفسه، ومن یملك تراخيا فالمتربصون يتربصون، بالسنتهم، وباسلحتهم الدمار الشامل.

HOME